التقط نادل حشرةً من الأرض‏? ?ودسّها ?في ?فنجان ?قهوة ?قدمه ?لأحد ?الزبائن، ?وتناول ?الزبون ?ذلك ?وتضررت ?صحته، ?وأعدّ ?نادل ?آخر ?قهوة ?من ?دون ?أن ?يتأكد ?من ?نظافة ?الفنجان، ?حيث ?كانت ?تستقر ?به ?حشرة، ?وتناول ?الزبون ?ذلك ?وتضررت ?صحته.. ?فهل ?يتساوى ?برأيك ?المتعمد ?مع ?المخطئ؟ ?القانون ?الاتحادي ?رقم ?10 ?لسنة ?2015 ?بشأن ?سلامة ?الغذاء ?يساوي ?بينهما. تنص المادة 14/1 من القانون على الآتي: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبالغرامة التي لا تقل عن 100 ألف درهم، ولا تتجاوز مليوني درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تداول في أية مرحلة من مراحل السلسلة الغذائية غذاءً مغشوشاً أو ضاراً بالصحة أو فاسداً»، من دون التفرقة بين العمد والخطأ والإهمال وعدم الانتباه والاحتياط، فالقواعد العامة تقضي بمساءلة الجاني عن الجريمة، سواء ارتكبها عمداً أم خطأ، ما لم يشترط القانون العمد صراحةً. وقانون الغذاء لم يشترط العمد، ما يعني مساءلة الجاني في العمد والخطأ. ولا يمكن القول إن المحكمة من تلقاء نفسها ستغلّظ عقوبة المتعمد وتحكم عليه بأقصى العقوبة، إذ قانون الغذاء لا يقيدها بذلك، وقد تعاقب مخطئاً بمليوني درهم، وتكتفي بتغريم متعمد بمئة ألف درهم! وإذا قلنا إن تعمد تقديم ذلك النوع من الغذاء يعد جريمة تعريض حياة الآخرين للخطر، وهي جريمة عمدية وفق المادة 348 من قانون العقوبات، فإننا سنفاجأ بأن عقوبة هذه الجريمة أخف من عقوبة جريمة تداول الغذاء، فالمادة المذكورة تنص على الآتي: «يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من ارتكب عمداً فعلاً من شأنه تعريض حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم أو حرياتهم للخطر. وتكون العقوبة الحبس إذا ترتب على الفعل حدوث ضرر أياً كان..». والحبس في أي نص جزائي إذا لم يُقيّد بحدٍّ، فللمحكمة سلطة تقديره من شهر واحد إلى ثلاث سنوات، بينما المحكمة ملزمة بأن لا تحكم بأقل عن ثلاثة أشهر في قانون الغذاء، كما أن الغرامة إذا لم تُقيّد بمقدار، فللمحكمة سلطة تقديرها ما بين ألف درهم و30 ألف درهم، بينما المحكمة ملزمة بأن لا تحكم بأقل من 100 ألف درهم في قانون الغذاء، وقد تصل بها إلى مليوني درهم. والأمر الآخر أن المادة 14/6 من قانون الغذاء تعاقب على الشروع في ارتكاب أي جريمة تخصّ سلامة الغذاء بعقوبة الجريمة التامة، لنفاجأ بأن عقوبة من يقدّم غذاء فاسداً مع علمه بذلك، ويتناوله المجني عليه ويخرج على نقّالة، مساوية تماماً لعقوبة من يقدم غذاء فاسداً بعدم احتياط منه، فيلاحظ المجني عليه فساده، ولا يتناوله ويخرج من المطعم على قدميه. مع ملاحظة أن الشروع لا يُتصوّر أساساً إفي الجريمة غير العمدية، والتي يعني أنها حدثت خطأ، والفعل لا يكون خطأً إلا بعد ارتكابه ووقوع النتيجة، بينما الشروع يعني أن نتيجة الفعل لم تقع لعارضٍ ما، وإلا كانت الجريمة تامّة! قانون سلامة الغذاء من أحدث القوانين الجنائية الخاصة، وقبل أن نفاجأ بأحكام قضائية لا يمكن أن تتسق مع قواعد العدالة والإنصاف بسبب ما مرّ بيانه، علينا تدارك الأمر وتعديل القانون.