يتساءل خبراء «لجنة السوق المفتوحة» التابعة للخزينة الفيدرالية الأميركية منذ عدة أشهر عما إذا كان الاقتصاد الأميركي بلغ من القوة ما يكفي للصمود أمام أسعار فائدة أعلى، وهي التي ستزيد من تكاليف الاقتراض!. وأظهرت توصيات صدرت عن اللجنة يوم الأربعاء الماضي تتعلق باجتماعها في شهر يوليو، أن هذه الشكوك ما زالت متواصلة، إلا أن المخاوف من حدوث انهيار في الأسواق بسبب الانسحاب البريطاني من عضوية الاتحاد الأوروبي، تلاشت بشكل شبه تام. وجاءت التوصيات الصادرة عن البنك المركزي الأميركي في الاجتماع المخصص لدراسة السياسة المالية يومي 26 و27 يوليو الماضي لتظهر بوضوح انقساماً في الرأي بين الأعضاء المجتمعين حول ما إذا كان من الضروري الاستمرار في تقوية سوق الوظائف في الولايات المتحدة الذي شهد إضافة وظائف جديدة في شهري مايو ويونيو الماضيين. وذكرت أيضاً أن المخاوف المترتبة على قرار بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي «بريكسيت»، قد أثبتت عدم صحتها. كما انقسمت آراء الأعضاء حول ما إذا كان مستوى تشغيل العمالة، والمرونة التي يتمتع بها الاقتصاد بعد التصويت البريطاني التاريخي، كافيين لرفع تكلفة الاقتراض الحكومي، وهو بحث لم تنظر فيه الخزينة الفيدرالية إلا مرة واحدة منذ عام 2006. وجاء في سلسلة المذكرات الصادرة عن الخزينة في واشنطن يوم الأربعاء الماضي ما يلي: «لقد اتفق الأعضاء بشكل عام على أنه من الحكمة جمع المزيد من البيانات من أجل التوصل إلى تقدير دقيق لحالة سوق العمل ووضعية النشاط الاقتصادي، قبل قطع أي خطوة أخرى في مجال تخفيض مستوى الاقتراض الحكومي». ثم تضيف المذكرات: «إلا أن بعض الأعضاء استبقوا الأمور عندما قالوا إن الأوضاع الاقتصادية سوف تؤكد قريباً ضرورة قطع خطوة جديدة في مجال التخلي عن السياسة الراهنة للاقتراض». ويمكن القول بلغة الصراحة أن ذلك يعني أنهم ما زالوا منقسمين على أنفسهم فيما يتعلق بزيادة أسعار الفائدة. وفي شهر ديسمبر الماضي، رفعت الخزينة تكاليف الاقتراض من مستوى مقارب للصفر إلى ما بين 0.25 و0.50 بالمئة، وبما يعني أن الاقتراض من البنك المركزي للولايات المتحدة لم يعد إجراء مجانياً، إلا إنه لا يزال منخفض التكلفة بشكل كبير. وفي ذلك الوقت، حدد المسؤولون أربع زيادات في سعر الفائدة يمكن تبنّيها خلال العام الجاري 2016. ومع تزايد المخاوف حول صحة الاقتصاد الأميركي في فصل الربيع، ومع ظهور المؤشرات الأولى لعزم بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، قرر مسؤولو الخزينة الفيدرالية عدم إجراء أي تغيير على أسعار الفائدة. وهذا يعني أنه لا يزال في وسع الشركات والمستهلكين الحصول على أموال رخيصة التكلفة وبما يضمن مواصلة الاقتصاد الأميركي نموه. وعلينا أن ننتظر حتى نتأكد ما إذا كان رفع سعر الفائدة يمكن أن يتم قبل نهاية العام الجاري. وما زالت أسعار الفائدة في أوروبا واليابان سالبة، وبما يعني أن البنوك المركزية هناك تعاقب الناس إذا اختاروا الاقتراض وتشجعهم على الإنفاق في إطار محاولة أثبتت عبر الزمن أنها طريقة عقيمة لتحفيز النمو. ولا تزال التداعيات طويلة الأجل للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي غير معروفة، وفقاً لملاحظات الخزينة الفيدرالية. وترسم لنا البيانات المالية لهذا الأسبوع صورة مشوشة عن الوضع. وانخفض عدد المستفيدين من منحة البطالة بنحو 8600 عامل وموظف خلال شهر يوليو، وهو أول انخفاض يتم تسجيله منذ شهر فبراير. وأكد مكتب المملكة المتحدة للإحصاء الوطني يوم الثلاثاء الماضي أنه لن تكون هناك تداعيات فورية للانسحاب البريطاني. إلا أن شركة «ماركيت» للبحوث ترى أن الصورة ليست وردية على أي حال. وخلال شهر يوليو الماضي انخفضت نشاطات قطاعي الخدمات والتصنيع في بريطانيا إلى أدنى مستوى لها منذ سبع سنوات. ولاحظت الشركة أيضاً وقوع حالة من «التدهور المأساوي» في الاقتصاد منذ التصويت البريطاني على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»