فرنسا: دروس أولمبياد «ريو».. ومقاربة «هادئة» لمحاربة التطرف ليبراسيون في افتتاحية لصحيفة ليبراسيون بعنوان «القوة الهادئة» ناقش الكاتب لوران جوفرين بعض خلفيات الحديث خلال الأيام الأخيرة في عدة مناطق من فرنسا عن حظر أنواع جديدة من الملابس النسائية مثل ما يسمى «البوركيني»، وهو زي سباحة نسائي يوصف بالاحتشام، مركزاً بشكل خاص على واقعة اتخذت أبعاداً قضائية واستثارت ضجة إعلامية، وقد حدثت في جزيرة كورسيكا الفرنسية، مؤكداً أن الأمر في تلك الحالة بالذات يتعلق بامرأة منقبة، وإن كان البعض حاول استهداف الكورسكيين من خلالها، وتقديمهم في صورة نمطية سلبية، لها خلفيات سياسية متصلة بالتشكيك في الولاء الكورسيكي للبلاد والتلميح لوجود نزعة انفصالية لدى البعض في تلك الجزيرة، أكثر من ارتباطها بالنزاعات ذات الخلفيات الدينية. ويرى الكاتب أن وراء هذه القضية وقضايا أخرى غيرها ذات صلة بالحساسيات الدينية مشكلة مزمنة هي طبيعة النظرة إلى الرموز الدينية في الفضاء العمومي التي تولد لدى البعض مشاعر استياء وعداء. ويقول المنتقدون عادة إن لدى الكرسيكيين حلهم الخاص: ليس بالضرورة كراهية الأجانب، وإنما محاولة الاستيعاب والدمج بالقوة. ولكن هل هذا الحل مجدٍ وقابل للاستمرار، وواقعي في ظل قيم الجمهورية؟ يجيب الكاتب قائلاً إنه سواء في هذه الحالة أو في غيرها، فإن الملابس التي تغطي كثيراً من الجسم ليس من المعتاد الظهور بها على شاطئ البحر أو أماكن السباحة الأخرى، ومن يرتدينها هن في الغالب من المتشددات الدينيات. ولكن، يتساءل الكاتب أيضاً، هل الحل يكمن في إصدار قوانين بمنع ارتداء مثل هذه الملابس بالاسم والرسم في أماكن السباحة، كما يدعو إلى ذلك بعض أصحاب الرؤية التبسيطية؟ ثمة شك في جدوى وإمكانية ذلك. لأنه يتعين أولاً تحديد المبدأ الدستوري الذي يمكن أن تدرج تحته مدونة تشريعية متعلقة بأنواع الأزياء التي يرتديها الناس! لقد بحثنا عن هذا المبدأ دون جدوى، يقول الكاتب. وتطبيق منع إظهار الرموز الدينية في الفضاء العام لا يسير الآن أيضاً بسلاسة. واقتصار هذا المنع على المسلمين وحدهم، يجعله تمييزياً. إذ كان يجب تطبيقه أيضاً على اليهود المتشددين، والمتطرفين الكاثوليك. وفي الأخير قال الكاتب إن فرنسا صارت هي الديمقراطية الأكثر تقييداً وتحديداً للقواعد في مجال الزي، بعد حظر الحجاب في الفصول الدراسية والبرقع في الفضاء العام. ولكن بدلاً من الانخراط فيما يشبه حالة طوارئ في الملابس، يتعين الانخراط في مواجهة سياسية ضد التطرف، من خلال إبداء المزيد من الدعم للإسلام الجمهوري، والتطبيق الصارم للمبادئ العلمانية، باستخدام القوة الهادئة في جمهورية مرحبة ومنفتحة الصدر أكثر مما هي صارمة أو شديدة القبضة. لوفيغارو في مقال بعنوان: «درس ريو» تحدث الكاتب آلان ريوفول في صحيفة لوفيغارو عما اعتبره دروساً يجب استخلاصها من تجربة الألعاب الأولمبية في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية. وفي البداية انطلق الكاتب من أجواء الاستضافة نفسها قائلاً إن بلاد السامبا لم تكن على كل حال في أجواء تدعو للفرح، حيث كان كل شيء على غير ما يرام عند الانطلاقة، من تردد تهم الفساد والمنشطات إلى ارتباك التنظيم والتلوث، ولذلك كان كثيرون يتساءلون عما إن كانت ألعاب ريو ستصبح هي الأسوأ في تاريخ الأولمبيات؟ ولم تتأخر أيضاً الملاسنات طيلة الخمسة عشر يوماً، ولكن في النهاية، كانت الحصيلة إيجابية. سواء على الصعيد الاقتصادي أم الرياضي. وفيما يتعلق بتجربة فرنسا مع هذه الأولمبياد فقد كانت جديرة هي أيضاً بأن تستخلص منها الدروس. فقد كان أداء الرياضيين الفرنسيين في البداية مخيباً للآمال، حيث لم تحصل فرنسا إلا على ميدالية ذهبية واحدة خلال ثلاثة أيام، كما تعثر السباحون الفرنسيون الذين لمع نجمهم خلال السنوات الأخيرة، وكانوا هم أكبر الخاسرين في الأولمبياد. وكان من المؤلم حقاً أن البلاد التي تكابد اليوم أكثر من مأزق بدا أنها ستخسر أيضاً في هذه المناسبة فرصة سانحة لتقديم صورة إيجابية تعيد لها الروح. ولكن رياضيين آخرين في العدْو والجودو والملاكمة والفروسية، أعادوا تصحيح الصورة، وأنعشوا الآمال الفرنسية. وفي النهاية جعلوا فرنسا تبتسم. وتم بلوغ الرقم القياسي الذي حققته البلاد في أولمبياد بكين. وفي الأخير قال «ريوفول» إن علينا أيضاً ألا نطلب من الرياضيين أكثر مما يستطيعون تقديمه، ولذا فإن على الجميع استخلاص الدروس من هذه الأولمبياد، وأول ذلك أن نعرف أن ما حققته الرياضة الفرنسية كان في المقام الأول ثمرة لجهود فردية، وروح التضامن والتعاون لدى الفرق، والرغبة في رفع التحدي، وروح المنافسة والمجازفة. وقبل هذا وذاك نتيجة لكثير من الجهد والعرق والحماس، والسيطرة على النفس، والرغبة الأكيدة في الفوز. وكل هذه القيم ينبغي أن نستشعرها ونتسلح بها دائماً سبيلاً للنجاح والإنجاز في كل عمل آخر، وليس في الرياضة فقط. لوموند نشرت صحيفة لوموند، أول من أمس الجمعة، افتتاحية بعنوان: «سوريا: حلب، المأساة والمأزق»، استعرضت فيها جوانب من المحنة الجارفة التي يعيشها قرابة 300 من المدنيين المحاصرين في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية. وقالت الصحيفة إن معاناة هؤلاء المدنيين الذين يكابدون ويلات الحصار، والقصف الجوي، وهجمات قوات النظام السوري وحلفائها على الأرض في سعيها لإحكام الحصار بالكامل على تلك الأحياء وقطع كل إمداد عنها، تحولت مع مرور الوقت إلى محنة وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها «مأساة غير مسبوقة». والأسوأ من ذلك هو عدم صمود أية هدنة بين أطراف النزاع في حلب، التي تبدو كما لو كانت هي أخطر وأكبر معركة مصيرية في الحرب السورية. واعتبرت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي معني بشكل خاص بمحنة المدنيين في حلب، وذلك لأن من المرجح إن تمكنت قوات النظام وحلفائه من إعادة السيطرة على الأحياء المحاصرة، التي خرجت من يدها منذ 2012، أن يؤدي ذلك إلى نزوح كثيف للغاية لسكان حلب بحثاً عن ملجأ باتجاه الحدود التركية. وستجد تركيا التي تواجه هي أيضاً مشكلات داخلية كثيرة صعوبة في ضم هذا العدد الكبير إلى الثلاثة ملايين لاجئ سوري الموجودين سلفاً في أراضيها. ولأن علاقات أنقرة الآن متوترة مع العديد من العواصم الأوروبية، على خلفية الانتقادات التي وجهها الأوروبيون لطريقة التعامل التركية مع مرحلة ما بعد الانقلاب الفاشل الأخير، فإن من الوارد جداً ألا تلتزم تركيا بالاتفاق الموقع مع أوروبا حول وقف تدفق المهاجرين مقابل فتح مسار مفاوضات العضوية من جديد وإعفاء المواطنين الأتراك من التأشيرة. ومن ثم فإن من المحتمل بقوة أن تترك تركيا نازحي حلب يتدفقون على أبواب أوروبا خلال الفترة المقبلة، وهذا التحدي المتوقع ينبغي أن يكون محل اهتمام شديد من قبل صناع القرار الأوروبي منذ الآن. إعداد: حسن ولد المختار