خلال مسيرته المهنية الطويلة، كان «بول مانافورت»، رئيس حملة دونالد ترامب المستقيل، يساعد الأوليجاركيين (حكام الأقليات) والمحتالين للوصول إلى السلطة. وقد عمل مع فيرديناند ماركوس وجوناس سافيمبي، وفي أوكرانيا ساعد على تحويل المتهم السابق فيكتور يانوكوفيتش إلى رئيس فاسد تم عزله بعد احتجاجات غاضبة حيث فر أخيراً من البلاد، وبالنظر إلى كل ذلك، فإن التقارير التي ظهرت مؤخراً عن قيام حزب يانوكوفيتش بتخصيص دفعات نقدية بقيمة 12 مليون دولار لمانافورت، لا تكاد تمثل مفاجأة. والآن، فقد تم تنحيته جانباً وتعيين «ستيفين بانون» مديراً عاماً للحملة، لكن قبل أن يتلاشى مانافورت من المشهد، حري بنا أن نمعن النظر فيما يخبرنا به وجوده مع ترامب عن كل منهما، وقد كانت هناك بالفعل كتابات كثيرة حول هذه المسألة، منها ما كتبته أنا عن الصلات العديدة بين الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين وحملة ترامب. بيد أن النقطة الأكثر عمقاً لم يتم تسليط الضوء عليها بعد، وهي كونه أوليجاركياً على الطراز الروسي، وهو رجل ثري يطمح إلى الجمع بين الأعمال والسياسة ولديه اتجاه ساخر تجاه الاثنين. ويسعى الكرملين بنشاط إلى شراء السياسيين في جميع أنحاء أوروبا. وقد أوضح ترامب أنه قدم أموالاً في الماضي لمرشحين من كلا الحزبين السياسيين -أغلبهم ديمقراطيون– «لأنني أدعم السياسيين.. وهذا لأنني أعمل في مجال الأعمال». ولم يظهر أي اهتمام في مناقشات السياسة الحقيقية أو الأفكار السياسية، وإنما فقط فيمن يستطيع شراؤهم. وتحوله من مانح إلى مرشح، رغم أنه مدفوع جزئياً بجنون العظمة، يهدف أيضاً إلى تعزيز أعماله. تماماً كما يستخدم رجال الأعمال الروس النفوذ السياسي لتوجيه الأموال إلى شركاتهم الخاصة، كذلك يفعل ترامب. وفي يونيو الماضي، أظهرت السجلات الفيدرالية أن خُمس إنفاق حملة ترامب كان موجهاً إلى أعماله الخاصة، كي يضمن تحقيق الربح مهما يحدث. وكان يستغل أحداث الحملة للترويج لمنتجاته، واستغل زيارته لاسكتلندا في إطار الحملة للترويج لملعب الجولف الخاص به هناك. والآن يشير من حوله إلى أنه حتى لو خسر، فإن بإمكانه تحويل الغوغاء من أتباعه الغاضبين إلى تأسيس شركة إعلامية. وكمرشح، استخدم ترامب نفس أنواع التكتيك التي استخدمها مانافورت، نيابة عن العملاء الروس والموالين لروسيا، في أوكرانيا: ضخ السخط العرقي (في حالة ترامب البيض العرقيين)، واللعب على كراهية وخوف العامة، وتقويض الثقة في الديموقراطية. وفي عام 2006، أوعز مانافورت لموكله، يانوكوفيتش، بالتحدث عن احتمال تزوير الانتخابات. وبدأ حزب يانوكوفيتش في تدريب مراقبي الانتخابات. إنها صدفة مذهلة، لكن هذه هي نفس التكتيكات التي استخدمها ترامب أيضاً. والآن، كبديل لمانافورت، اختار ترامب رجلاً من أقرب جهة لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية في الولايات المتحدة، أي موقع «بريتبارت دوت كوم»، الذي يعد آلة دعاية مضللة تسعى لنشر فوضى المعلومات، وتقوم بعمليات تصيد سلبية واسعة النطاق، مستخدمة الأساليب المنتهجة في روسيا بواسطة بوتين وفي أميركا بواسطة ترامب. ولدى ترامب جماليات الأولجاركية الروسية: فالتركيبات المذهبة لبرج ترامب السكني تنافس تلك الموجودة في «الأكواخ» الفخمة التي بنيت في ضواحي موسكو. وبطبيعة الحال، فأوليجاركية موسكو أكثر ثراء من ترامب، لأنها استطاعت استثمار أموالها لكسب النفوذ السياسي، واستخدمت نفوذها السياسي لكسب مزيد من المال. لقد كان لدينا العديد من الرؤساء الذين كسبوا المال بعد تركهم السلطة، ومنهم بيل كلينتون. بيد أن الرئيسين بوش الأب وبوش الابن انزلقا بعيداً إلى عوالم الاستشارات وكتابة الخطابات بعد أن تركا المنصب، لكن لم يكن لدينا إطلاقاً رئيس استخدم السلطة ونفوذ الحكومة الفيدرالية لإثراء نفسه أثناء الخدمة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»