دونالد ترامب نفسه يدرك أن لديه مشكلة بشأن الهجرة! وبالطبع، لا أتحدث عن زوجته «ميلانيا»، التي حنثت في وعدها أمام مؤتمر صحفي بتفصيل تاريخ هجرتها، بعد زهاء ثلاثة أسابيع من إعلان ترامب عن الأمر، ووجود تقارير عن عملها بصورة غير شرعية قبل حصولها على الجنسية الأميركية. لكن أتحدث عن تصريحات المرشح «الجمهوري» بشأن «عمليات الترحيل الجماعي» و«الجدار الحدودي بتمويل مكسيكي»، والتي كانت محوراً في حملته الرئاسية. ومع اقتراب الانتخابات العامة في نوفمبر المقبل بشكل سريع، يبدو أن ترامب لديه أفكار أخرى، بل ويبدو من المقنع أن ترامب كانت لديه أفكار أولية، وإن كان لا يوجد دليل على أنه كان جاداً بشأن أي قضية، بما في ذلك الهجرة. وإنما كان هدفه طوال المنافسات التمهيدية في الحزب «الجمهوري» أن يعكس العداء تجاه المهاجرين من الأصول اللاتينية، وأن يؤيد ذلك العداء من جماهير مؤيديه. وباتهام المكسيكيين بارتكاب جرائم ووعده بإجراء عمليات ترحيل جماعي، وبناء جدار لمنع دخولهم من الأساس، هل كانت هذه التصريحات سياسات فعلية أراد ترامب تنفيذها؟ لا أعرف.. ربما! والآن، تظهر استطلاعات الرأي تداعيات التعصب والغلظة في الانتخابات العامة، وعلى الرغم من أن نتائج الاستطلاعات تبدو سيئة بشكل عام بالنسبة لترامب، إلا أن ذلك الاستطلاع الذي أجراه مركز «بيو» للأبحاث كشف الأسوأ خلال الأسبوع الجاري. وهو ما يظهر السبب في أن ترامب ربما أراد أن يتخلى عن وعوده بترحيل 11 مليون مهاجر لا يحملون وثائق، ويقيم جداراً حصيناً على طول الحدود الجنوبية الغربية. ويبدو أن هناك حالة عزوف للرأي العام عن ترامب. وفي عام 2014، أظهر «مركز بيو» أن الأميركيين يؤيدون أمن الحدود على حساب السماح للمهاجرين الذين لا يحملون وثائق ثبوتية بالحصول على الجنسية، إذ اختار 33 في المئة الأمن، بينما أيد 23 في المئة فقط منح الجنسية. والآن، بعد أكثر من عام من تكرار شعارات «ترامب» القومية، يفضل 24 فقط في المئة الأمن، بينما اختار 29 في المئة منح الجنسية. وقبل عام، وجد مركز «بيو» أن 46 في المئة يؤيدون إقامة جدار على الحدود المكسيكية، بينما عارضه 48 في المئة. وفي استطلاعه الأخير الذي نشر نتائجه الأسبوع الماضي، بدت الأرقام مقوضة لموقف ترامب، إذ أيّد بنائه 36 في المئة، بينما عارضه 61 في المئة. ومن الواضح أن ترامب لا يكسب مؤيدين جددا، وإنما تساعد حملته الانتخابية في فقدان الثقة في مواقفه. وقد يكون «الترحيل بالقوة» الذي دعا ترامب لتطبيق مجرد «حيلة متهورة» أو مثلما وصف البعض «الجدار» كان «استعارة» فقط. لكن ربما كان ترامب جاداً حقاً. وعلى أية الحال، المؤكد الآن أن موقف المرشح من الهجرة يترنح، ومن دون تغيير سريع في مسار حملته الانتخابية، فسينهار تحت ركام تصريحاته بطريقة أو بأخرى. فرانسيس ويلكنسون* *محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»