يمتاز العقل الصهيوني بثلاث: توظيف الدعاية لقضيته، بما فيها أفلام السينما ولو تمنياً كما جاء في الفيلم الذي تصوروا فيه حرق هتلر ومن حوله من القيادة النازية أمثال جوبلز وزير الدعاية وجورنج ماريشال الجو، في دار سينما بباريس على يد اليهودية المنتقمة شوشانا! والثانية إيقاظ ماض ميت يحرض على الكراهية والانتقام من أشباح غير موجودة، كما في إحضار الأطفال سنوياً إلى قلعة «مسادا» حيث انتحر 900 يهودي انتحاراً جماعياً، حين حوصروا من الجنود الرومان، على يد القائد الروماني تيتيوس عام 72م بعد تدمير القدس ونهب معبده، فيهتف الأطفال في مكبرات الصوت لجنود وهميين، أن تعالوا فسوف نقاتلكم! أما الثالثة فهي ابتزاز العالم بكل صورة ممكنة، عبر تعويضات لا تنتهي، لما أصابهم على أيدي النازيين، فمفاعل ديمونة النووي تم تمويله بماركات ألمانية، وتقنية فرنسية، وموافقة أميركية، كي تكون إسرائيل مقدمة البارجة الغربية في المنطقة، في مواجهة أي تغيير محتمل في المنطقة، كما كان حال «الربيع العربي» الذي دفع فيه العرب فاتورة مخيفة من الضحايا، حيث قوّت إسرائيل ظهر الأسد في دمشق، كي يقتل نصف مليون إنسان. ومع هذا فغلطة الشاطر بألف كما يقول المثل! وغلطة إسرائيل أيضاً ثلاثية الأبعاد، أولها أن الغرب ضحك عليهم فأرسلهم إلى أرض تغلي كراهية لهم. قال الغرب: كل من يقتل فيها، صهيونياً أم عربياً كان، فهو يخدمنا، وأريح لنا أن يقتتلوا ويتفانوا. والثانية هي تعميق الشرخ بين المسلمين واليهود ألف سنة أخرى، بل إن «قاسم حمد» السوداني في كتابه «الألفية الثانية» يتوقع انشطارا في التاريخ مع غلطة بني صهيون في قدومهم إلى الأرض المقدسة، التي لم تكتب لهم لا قديماً (حين قالوا إن فيها قوما جبارين)، ولا حديثا (إذ سوف يخرجون منها كما خرج منها الصليبيون يجرون أذيال الخيبة والحسرة والندامة في حرب دامت 170 عاماً). أما الثالثة والأخيرة فهي أن ولادة إسرائيل كانت بالأساس خطأً في خطأ، في بناء دولة قومية في عصر انتهت فيه موضة القوميات، مما يذكِّر بقصة سليمان الذي قال عنه القرآن: «وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب»، وهو ما سيحصل لجسد إسرائيل الميت. ومن يتتبع قصة بناء سلاح المعبد (السلاح النووي) يعرف أن السلام لن يحدث في أي يوم بين العرب واليهود في هذه المنطقة إلا بتحول ثقافي عميق، كما انتبه إلى ذلك «فعنونو»، اليهودي المغربي الذي كشف السر عن سلاح المعبد. لكن التاريخ ينقل لنا أن الدياسبورا اليهودية بقيت كما وصفها الفيلسوف اليهودي «باروخ سبينوزا» منكفئة على نفسها لا تمتزج بالمجتمع المحيط بها. وفي هذا الصدد فإن تصرف الأمم حيال الأحداث تختلف اختلافاً كبيراً بين تصرف ألماني وآخر أميركي وتصرف ياباني. لذلك يقولون: لو أن حشرة وقعت في فنجان قهوة يشربه شخص ما في مقهى، فإن البريطاني سوف يرمي الكأس إلى الشارع بكل أرستقراطية، في دولة إمبراطورية غابت عنها الشمس، بينما يرمي الأميركي بالحشرة ويتابع شرب القهوة، ذلك أنه رجل عملي نفعي، أما الصيني فسوف يأكل الحشرة ثم يتابع شرب القهوة مستمتعاً بها، فيما يبيع الصهيوني الحشرة للصيني، والقهوة للأميركي، ويبكي في كل القنوات الإعلامية مدعياً أنه لا يشعر بالأمان قط، وأن نصف دول العالم تمارس عليه هولوكوستا جديدا بخطر الإبادة بالأسلحة الجرثومية، ثم يطلب من الأمم المتحدة معاقبة صاحب المقهى من خلال جعله يقدم القهوة له مجاناً حتى نهاية القرن! د. خالص جلبي