الاشتباه يطال مسؤولاً رفيعاً سابقاً في الإدارة الأميركية. فوزير الخارجية السابق كولن باول، الذي يحرص على رعاية صورة شخصية أشبه بصورة القديس باعتباره رجلاً يسمو فوق انقسامات السياسة، يدرك أن المتهمة بريئة. ومع ذلك فإنه اختار أن يلتزم الصمت حتى لا يلطخ صورته. وفي الأثناء، تواجه الضحية سيلاً من الاتهامات والهجمات وتعاني من مصائب شخصية ومهنية، كان يمكن تجنبها عموماً لو أن باول قرر التحدث. فحين كانت حديثة العهد بمنصب وزيرة الخارجية، لجأت هيلاري كلينتون إلى كولن باول لتسأله عن الطريقة التي كان يتعامل بها مع البريد الإلكتروني حين كان وزيراً. واليوم، لدينا رسائل البريد الإلكتروني التي جرى تبادلها والتي قال لها فيها: "لم يكن لدي هاتف بلاكبيري، وإنما كان لدي كمبيوتر شخصي موصول بخط هاتفي خاص. وهكذا كنتُ أستطيع التواصل مع عدد من الأصدقاء بشكل مباشر وبدون المرور عبر خوادم وزارة الخارجية". وهذا أمر يبدو في الواقع غير مختلف البتة - ولاسيما بالنسبة لشخص لا يجيد الأمور الإلكترونية مثلها - عن امتلاك خادم خاص في البيت، أليس كذلك؟ ثم استمر باول في البوح فقال: "بل إنني استعملته للتواصل مع زعماء أجانب وبعض المسؤولين الكبار في الوزارة على حساباتهم البريدية الإلكترونية الخاصة، كما كنت أفعل الشيء نفسه في الفنادق حين أكون مسافراً". واقع الأمر أن "باول" هو من كان يخفي أشياء. فقد كان يعرف النصيحة التي قدمها لكلينتون. وكان يعرف الطرق الخاصة التي كان يستعملها للالتفاف على المشاكل التي تواجهه. فلماذا آثر الصمت ولم يقل شيئاً، حتى وإنْ كان ذلك يعني تقديم صورة مختلفة تماماً عن تلك السائدة عنه بين كثير من الناس؟ اليوم يكتب "باول" في تصريح صادر عنه كيف أنه لم يكن على علم "وقتئذ بأي متطلبات حول ضرورة التعامل مع الرسائل الخاصة غير السرية باعتبارها سجلات رسمية". ويضيف قائلاً: "إنني أتمسك بقراراتي وأنا مسؤول عنها". ولكن ماذا عن تقديم اعتذار عن إسداء نصيحة فاسدة لكلينتون وعن التزام الصمت، ما جعله يبدو في صورة جيدة، وهي في وضع لا تحسد عليه؟! جينفر روبن محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»