إذا كان ثمة حياة وأرض خارج الكرة الأرضية التي نعيش عليها فهو أمر عجيب. وإذا لم يكن ثمة حياة سوانا في هذا الكون الممتد فالأمر أعجب؟ هكذا يقول الفلكيون. المفاجأة الجديدة التي سماها البعض حدث القرن أن أقرب النجوم إلينا (القنطور = Proxima Centauri) يدور حوله كوكب هو أخ الأرض حذو القذة للقذة. بالطبع سيكون اكتشاف أرض جديدة موازية أعظم كشف عرفه الجنس البشري حتى اليوم. كوكب القنطور الأقرب (بوكسيما سينتاوري) مايبث من ضوء هو جزء من الألف مما يأتينا من أمنا الشمس، ولكنه على ما يبدو كافٍ لتوفير الحياة على ظهره، هذا إذا توفر الماء؟ فالماء سر الحياة. يا ترى كيف هي الحياة على ظهر الكوكب الجديد؟ يتوقع العلماء أن تكون خضرة الشجر أقرب إلى السواد بفعل ضعف التركيب الضوئي. ولأن عمر الكوكب أكبر بملايين السنين عن عمر أمنا الأرض فالاحتمال أن تكون الحياة دفعت إلى الوجود بكائنات مختلفة بما فيها الذكية. حتى الآن لم يتفق الفلكيون على اسم للكوكب الجديد؟ أما (النجم) الذي يدور حوله فهو معروف، وتم اكتشافه منذ عام 1912م، ويُرى بشكل جيد من تلسكوبات نصف الكرة الأرضية الجنوبي. وهذه التقنية في الكشف عن الكواكب قادت في الفترة السابقة إلى اكتشاف ما يزيد على 3000 كوكب جديد، سوى أن المسافات مخيفة، تقاس بمئات السنين الضوئية، مما أطفأ الرغبة إلى البحث في طبيعتها. أما الطاقم العلمي فقد اعتمد تسمية نفسه بالبقعة الباهتة الحمراء (Pale red Dot) تيمناً بما سماه العلماء حين عبرت المركبة فويجر واحد (Voyager 1) النظام الشمسي منذ عام 1990م إلى غير رجعة. أما من أماط اللثام عن الكوكب فقد تم بوساطة التلسكوب الأوروبي (العملاق ESO) الذي تم نصبه في أميركا الجنوبية في سفح جبل (لا سيلا Berg La Silla) على ارتفاع 3000 متر عن سطح البحر بعدسة قطرها 39 متراً في صحراء أتاكاما في تشيلي، حيث تكون السماء أصفى ما يمكن. هنا يلعب الذكاء الإنساني دوره في معرفة حركة الكوكب (من خلال دراسة حركة (رقص) النجم وترنحه، بفعل جاذبية الكوكب لحركة النجم، فالجاذبية هنا متبادلة، ولكن هذا يتطلب دراسة طويلة شاقة، أيضاً من خلال نوع الأشعة المستقبلة بين أحمر وأزرق، فنحن نعلم منذ أيام الفلكي (أدوين هابل Edwin Hubbel) الذي كشف بوساطة الزحزحة الحمراء للضوء، أن النجم حين يولي الأدبار يعطينا ذنبه بلون أحمر، وهو يلتمع بوهج أرزق حين يتقدم نحونا بالسلام والتحية؟ وما هو أكثر إثارة أنه قريب من النجم بمقدار يسمح بتشكل الماء، أما الهدف الثاني للفريق العلمي فهو معرفة هل الكوكب الجديد واحة في صحراء الفضاء؟ إلا أن التقدم لهذا اللون من المعرفة يتطلب استقبال أشعة الكوكب مباشرة إلى الأرض، وتحليل شعاع الضوء لمعرفة تركيب المادة المتشكل منها؟ فلو تم الكشف عن غاز الميثان مثلاً والأوكسجين فهو يعني قرينة للحياة، لأن تفاعلهما يولد غاز ثاني أكسيد الكربون والماء، وإذا كانت النسبة عالية فمن المتوقع العثور على وحيدات خلية مثل البكتريا والفطريات البدائية، وهذه بدورها تنفث غاز الفحم وهو بصمة الحياة. هذا الكشف قد يكون ضربة القرن الكوسمولوجية، ولكن المشكلة هي الأبعاد السحيقة في الكون، وحسب قوة الصواريخ الحالية فإن رحلة إلى كوكب نجم القنطور الأقرب تحتاج 80 ألف سنة، وهي أطول من عمر الحضارة الإنسانية برمتها بعشرة أضعاف. أما حسب خيالات الفيزيائي فريدفارت فينتربيرج (Friedwardt Winterberg) على افتراض تجهيز مركبة فضائية بقنبلة هيدروجينية صغيرة للطاقة، بحيث تدفع المركبة إلى سرعة خيالية، تقترب من عشر معشار سرعة الضوء (30 ألف كم في الثانية)، فأمام فريق الرحلة خمسون عاماً من السير في الظلمات، حتى يحطوا الرحال على ظهر الكوكب المجهول، الذي قد لا يروا فيه سوى الرمال التي تسف الوجوه.