أثبت الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، على مدار السنوات الماضية أنه يمتلك قدرات استثنائية فيما يتعلق بمواجهة الصدمات الخارجية، واتضح ذلك بشكل جلي في تحمله الضغوط التي نتجت عن الأزمة المالية العالمية، لاسيما في بدايتها، في عامي 2007 و2008، حيث أثبت الاقتصاد الإماراتي أنه قادر على مواصلة النمو الذاتي بعيداً عن حالة التباطؤ والانكماش، التي تعرض لها الاقتصاد العالمي والعديد من الاقتصادات حول العالم، بسبب الأزمة. ومنذ منتصف عام 2014، أثبت الاقتصاد الإماراتي كذلك قدرته الاستثنائية على تحمل الضغوط الناتجة عن تراجع أسعار النفط العالمية، رغم أن العديد من الاقتصادات التي تعيش ظروفه نفسها، تعرضت للعديد من مظاهر التباطؤ والانكماش بسبب تراجع أسعار النفط. الأمر الاستثنائي الذي ساعد الاقتصاد الإماراتي على تحمل الضغوط الناتجة عن الأزمة المالية العالمية، وبعد ذلك أزمة تراجع أسعار النفط، من دون التعرض لأي انتكاسات أو خسائر تذكر، هو أنه تمكن على مدار العقود الماضية أن يبني لنفسه مقومات ذاتية، وقواعد إنتاجية، بعيداً عن الاعتماد على قطاعات اقتصادية بعينها، كما أنه استطاع أن يجد طريقه السليم نحو تبني النهج الاقتصادي والسياسات المالية والنقدية ذات الكفاءة العالية في التعامل مع الأزمات كافة، بصرف النظر عن حجمها أو مصدرها. وفي هذا السياق، قال تيم فوكس، كبير الخبراء الاقتصاديين في «بنك الإمارات دبي الوطني»، مؤخراً، «إن اقتصاد الإمارات يتميز بالمرونة». وأضاف فوكس في مقابلة له مع قناة بلومبيرغ «أن القطاع الخاص (الإماراتي) يحقق نمواً كبيراً، وذلك رغم الرياح المعاكسة في الاقتصاد العالمي وانخفاض أسعار النفط». جدير بالذكر أنه بينما قام «صندوق النقد الدولي» -في وقت سابق- بخفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2016، وحذر من مخاطر اقتصادية عالمية كبيرة، مبرراً ذلك بتباطؤ الاقتصاد الصيني والانكماش في البرازيل وهبوط أسعار النفط العالمية، فإن وكالة «ستاندرد أند بورز» العالمية المتخصصة في التصنيف الائتماني، توقعت -في وقت سابق كذلك- أن يحافظ الاقتصاد الإماراتي على نموه القوي في عام 2016، وهو ما يشير إلى القوة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني، وأنه يستطيع مواصلة النمو بالاعتماد على قدراته الذاتية. وبشكل عام فإن هناك العديد من العوامل التي تدعم التوقعات الإيجابية للنمو الاقتصادي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقدرتها على المحافظة على أوضاعها الائتمانية القوية، أهمها تنوع القواعد الإنتاجية ومصادر الدخل، بجانب احتفاظها باحتياطات مالية آمنة تمكنت من تكوينها على مدى الأعوام والعقود الماضية في ظل سياساتها المالية والنقدية المتوازنة، إلى جانب السياسات الاقتصادية الكلية التي تتبعها، وانفتاحها التجاري على العالم الخارجي، ومناخها الاستثماري المتميز، بالإضافة إلى استثماراتها الخارجية المتنوعة، وغير ذلك من عوامل النجاح والنضج الاقتصادي والتنموي. إن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تكن لتصل إلى هذه المكانة المتميزة، من دون الجهود الحثيثة التي تبذلها قيادتها الرشيدة، التي يعود إليها الفضل في استثمار كل المقومات الوطنية على الوجه الأمثل، وجعلت منها هذا النموذج الاقتصادي والتنموي ذا الأداء الاستثنائي، وساعدتها على تجاوز الأزمة المالية العالمية في أسوأ مراحلها، والخروج منها في وقت قياسي مقارنة بمعظم دول العالم، وساعدت اقتصادها كذلك على تحمل الضغوط الناتجة عن تراجع أسعار النفط. ومن دون شك ستظل الرؤية الطموحة للقيادة الرشيدة، وإصرارها على المضي قدماً على طريق التنمية، المحفز بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة على المزيد من التطور والتقدم في المستقبل. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية