بصدور قانون الإفلاس مؤخراً تكون دولة الإمارات قد خطت خطوة كبيرة نحو استكمال البنية التشريعية لأنظمتها المالية لتتناسب ومستوى التقدم الاقتصادي الذي تحقق في العقود القليلة الماضية، إذ إن هذا القانون سيؤدي إلى جذب المزيد من الاستثمارات، وبالأخص الأجنبية ويحمي المستثمرين، كما أشار إلى ذلك وزير الدولة للشؤون المالية عبيد حميد الطاير. لقد أدى غياب مثل هذا القانون في السابق إلى وجود ثغرة أدت إلى تلاشي شركات كان بالإمكان إنقاذها من خلال طلب الحماية من الإفلاس، ومن ثم فتح المجال أمام إعادة الهيكلة، بما فيها إعادة هيكلة الديون وتجاوز بعض السلبيات، أو سوء الإدارة أو نقص التمويل.. إلخ، حيث لم يكن أمام الشركات المتعثرة سابقاً سوى طريق واحد، هو التصفية ونفاد فرص الإنقاذ. إذن مثل هذا القانون الرائد في المنطقة ستترتب عليه نتائج اقتصادية إيجابية، وذلك رغم أن عملية تفعيله واستيعاب بنوده بحاجة إلى بعض الوقت، إذ إن عدداً محدوداً من الشركات ستستفيد منه في السنوات الأولى، كما أشار وكيل وزارة المالية يونس حاجي الخوري، إلا أنه يحمل بين طياته آفاق مستقبلية واعدة لتنظيم عمليات الإفلاس وإيجاد الأرضية المستقرة والآمنة للاستثمارات. ومن بين أمور عديدة، فإن هذا القانون بحاجة للفهم والاستيعاب، الذي قد يستغرق بعض الوقت، إذ إنه يختص فقط بشركات ومؤسسات القطاع الخاص، ولا علاقة له بحالات الأفراد وتعثراتهم المالية وعجزهم عن السداد، تلك القضايا التي ربما يتناولها قانون آخر في المستقبل؛ لذلك، فإن دراسة هذا القانون واستيعابه من قبل المستثمرين أمر مهم للغاية، حيث يمكن للمؤسسات المسؤولة، وبالأخص وزارة المالية تنظيم ورش عمل لشرح حيثياته وتفاصيله، مما سيؤدي إلى سرعة تفعيله وتطبيقه بالصورة المرجوة، كما يمكن لغرف التجارة والصناعة في الدولة القيام بدور مهم في هذا الجانب. وكمثال على ذلك، فإن البعض قد يستغله للإفلاس الاحتيالي، حيث تضمن القانون عقوبات صارمة، كالسجن خمس سنوات ودفع غرامة تصل إلى مليون درهم، إذ يمكن من خلال استيعاب مواده بصورة صحيحة تجنب الكثير من التحايل أو الوقوع في الخطأ الناجم عن عدم الإلمام بمواده وشروطه. وأثبتت تجارب العديد من البلدان التي طُبق فيها مثل هذا القانون، وبالأخص البلدان المتقدمة اقتصادياً، كالفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس الأميركي الذي يتيح إعادة الهيكلة، أنه ساهم في إنقاذ مئات الشركات، خصوصاً أثناء الأزمات، وأعادها مرة أخرى للعمل، مع ما شكّله ذلك من حفاظ وحماية لحقوق المالكين والمساهمين في حالة الشركات المساهمة العامة، الذي يختلف عن الفصل السابع من القانون، الذي ينظم عملية الإفلاس والتصفية. إن ذلك يعني المزيد من الثقة في البنية التشريعية المالية لدولة الإمارات، فالمستثمر الأجنبي تحديداً عادة ما يقوم بدراسة الأنظمة والقوانين التي تحمي استثماراته من الجوانب كافة، بما فيها إمكانية التعثر، ربما لأسباب مؤقتة أو ظروف خاصة يمكن معالجتها، التي تتطلب إعادة الهيكلة، سواء المالية أو الإدارية من خلال إعادة تنظيم، وذلك لوجود فرص حقيقية للنجاة والاستمرار. لذلك، فإن سن مثل هذا القانون يعزز الثقة في البنية التشريعية للاستثمار، وهو عامل مهم للغاية، فكلما كانت هذه البنية مكتملة ومنظمة، كلما أضحى الاقتصاد أكثر جذباً للمستثمرين، وبالتالي أكثر قدرة على النمو، وخلق فرص العمل والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. ويمكن الإشارة إلى نقطة جوهرية، وهي أن البيئة الاستثمارية في الدولة مقبلة على تطور نوعي مع البدء بتطبيق هذا القانون بعد ثلاثة أشهر من الآن، وهذا سيترتب على ذلك من تداعيات إيجابية عديدة ستساهم في إضفاء المزيد من الجاذبية والاستقرار للمستثمرين وللاقتصاد المحلي بوجه عام.