المناخ يتغير بطرق خطرة، ونحن المسؤولون عن معظم هذه التغييرات. هذا ليس على سبيل التخمين أو الرأي السياسي- إنها النتيجة التي توصلت إليها أغلبية ساحقة من العلماء، استناداً إلى أدلة قوية تزداد كل عام. فارتفاع مستويات البحر والحرارة الشديدة وزيادة حدوث الفيضانات والجفاف وتحمض المحيطات وازدياد الأمراض المدارية كل هذا يشكل مستوى غير مقبول من المخاطر على ذريتنا. وهذا ما تفعله أيضاً تهديدات أخرى مرتبطة بالمناخ. ويستجيب قادة الأعمال والعلم والتكنولوجيا لهذه التهديدات من خلال إيجاد سبل للتكيف مع تغير المناخ، وزيادة كفاءة الطاقة لدينا وتطوير مصادر للطاقة خالية من الكربون. ويقوم القادة السياسيون في الولايات المتحدة وفي الخارج بوضع سياسات من شأنها أن تعزز من هذه التطورات. وفي مؤتمر باريس للمناخ الذي عقد في شهر ديسمبر من العام الماضي، تبنت 195 دولة اتفاقية تاريخية حول التغير المناخي، هدفها الأساسي منع درجات الحرارة في العالم من الارتفاع لأكثر من درجتين فوق معدلات ما قبل العصر الصناعي. وكانت هذه الاتفاقية تتويجاً لسنوات عديدة من الجهود المبذولة من قبل الحكومات والمواطنين. وقد اجتمع المفاوضون الذين توصلوا إلى هذه الاتفاقية على الرغم من الاختلافات في أشكال الحكم وفي المسؤولية عن انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري وفي التأثر لتغير المناخ في المستقبل. بيد أن هذه الجهود المبذولة للحد من المخاطر بالنسبة إلى الأجيال القادمة تتعرض حالياً للخطر بسبب مجموعة صغيرة، لكن صوتها مسموع تنكر صحة الأدلة والخبرات العلمية بشكل عام. ومن الأمور التي تشكل قلقاً بشكل خاص النية المعلنة لبرنامج المرشح الرئاسي للحزب «الجمهوري» دونالد ترامب لتعزيز استخراج واستخدام أنواع من الوقود الأحفوري الكثيف الكربون، وسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس وإلغاء الإجراءات التنفيذية التي اتخذها الرئيس باراك أباما، والتي ترمي إلى الحد من الأخطار المناخية. إننا نشعر بقلق عميق إزاء الأضرار الجسيمة التي قد تصيب عالمنا على المدى الطويل، والتي ستؤدي إلى تقويض عقود من التقدم في مجال الطاقة والمناخ والمياه النقية، إذا أصبحت أهداف سياسة الطاقة والمناخ لترامب والحزب «الجمهوري» هي سياساتنا الوطنية. هذه العواقب سيتحملها المليارات من المواطنين الحاليين وغيرهم في المستقبل على هذا الكوكب. ولمعالجة مصدر القلق هذا، فقد قمنا - جنبا إلى جنب مع 373 عضواً في الأكاديمية الوطنية للعلوم - بإصدار خطاب مفتوح في الحادي والعشرين من سبتمبر لنلفت الانتباه إلى المخاطر الجسيمة للتغير المناخي. ونحن إذ نؤكد أن «مشكلة التغير المناخي التي هي من صنع البشر هي مشكلة حقيقية وجادة وفورية، وأن هذه المشكلة تمثل مخاطر كبيرة على قدرتنا على الازدهار وبناء مستقبل أفضل، ولأمننا القومي، ولصحة الإنسان وإنتاج الغذاء، وعلى الشبكة المترابطة من نظم معيشتنا». كما يسلط هذا الخطاب الضوء على الحاجة الملحة للحد من الانبعاثات التي تحتجز الحرارة في إطار اتفاقية باريس. وإذا انسحبت الولايات المتحدة الآن من اتفاقية باريس، فإن هذا سيقوض قدرة العالم على التعامل مع التغير المناخي، ويقلل من مصداقية الولايات المتحدة على المستوى الدولي، ويعوق التنافسية الاقتصادية للولايات المتحدة فيما يتعلق بتطوير وتسويق مصادر الطاقة النظيفة. ولكن أينما تكن هناك أخطار تكن هناك أيضاً فرصة لإيجاد حل خلاق للمشكلة. وكما يشير الخطاب، فـ«الشعوب التي تجد طرقاً مبتكرة لتقديم أنظمة طاقة خالية من الكربون وعزل ثاني أكسيد الكربون هي التي ستقود العالم اقتصادياً في القرن الحادي والعشرين». ولا ينبغي أن ندير عقارب الساعة إلى الوراء من خلال النظر إلى الجهل العلمي كفضيلة، أو من خلال تبني سياسات اقتصادية معتادة. لقد حان الوقت لإطلاق العنان لقوة متجددة وغير محدودة للعقل، وتسريع الجهود المبذولة لتطوير وتنفيذ مصادر الطاقة النظيفة. تلك هي القيادة التي نحن بحاجة إليها، وهذا هو النوع الوحيد من القيادة الذي من شأنه أن يحد من أسوأ مخاطر التغير المناخي لأطفالنا مع تقديم فرص اقتصادية جديدة ومثيرة إليهم. كيري إيمانويل* *عالم مناخي وعضو في الأكاديمية القويمة للعلوم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»