هل تتلاعب إدارة «الغذاء والدواء» الأميركية بالأخبار التي تُنشر بشأن قراراتها؟ لعل هذا ما يشير إليه مقال جديد في دورية «ساينتفيك أميركا» حول الطرق التي تتحكم بها «الإدارة» في توقيت نشر المعلومات، ومن يحصل عليها من الصحافيين، وكيفية نشرها، وأقل ما توصف به هذه الممارسات هو أنها مشينة. وأحياناً يقدم أحد المصادر معلومات للصحافيين قبل إعلانها للجمهور، مقابل اتفاق مع الصحافي أن لا ينشر هذه المعلومات قبل وقت متفق عليه، وهذه العملية (تسمى الحظر) منطقية ومفيدة للجمهور، لأنها تعطي المراسلين وقتاً للبحث في الموضوع من الناحية التقنية دون الشعور بالعجلة لنشر الموضوع بهدف السبق. بيد أن الحظر الذي تفرضه «إدارة الغذاء والدواء» هو ابتكار غير مسبوق، فهو يحظر على المراسلين الحديث إلى أي شخص حتى رفع الحظر، وبالنسبة لأي مراسل، تثير هذه الممارسة الغضب، لأن من حق المصدر التحكم فيما يقوله، لكن ليس من حقه التحكم في المصادر الأخرى التي يتحدث إليها الصحافي. أما في حالة «الإدارة»، فربما يكون الأمر مختلفاً! وتحدث لي شخص تعاون مع «إدارة الغذاء والدواء» في عهد «بوش الابن»، مؤكداً أنها تختلف عن الوكالات العلمية الأخرى، وعندما تنشر معاهد الصحة الوطنية أبحاثاً، فإنها تصدر أبحاثها الخاصة، ورغم أنها تكون مهمة، لا يكون لها نفس التأثير الفوري الكبير على المجتمع الأميركي. أما «الإدارة» فتصدر بيانات عن أبحاث جهات أخرى، لكن هذه المعلومات تحرك الأسواق بقوة. وإذا حاول المراسلون سؤال مصادر عن رأيهم مثلاً في «القواعد الجديدة التي تفرضها إدارة الغذاء والدواء بشأن السجائر الإلكترونية»، فثمة خطر أن يبدأ أشخاص المضاربة في الأسواق وفق هذه المعلومات. لذا استمر بوش في اتباع سياسة كلينتون بمنع «الإدارة» من الإدلاء بمعلومات للصحافيين قبل الإعلان عنها رسمياً، غير أن «الإدارة» باتت تستغل هذا «الحظر الوثيق» لحمايتها من أخبار لا تفضلها، أو للتعتيم على مراسلين لأسباب سياسية، كما يبرهن مقال «ساينتفيك أميركان». يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»