ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقات متينة مع جمهورية الصين الشعبية، وهذه العلاقات لها أبعاد تاريخية ترسخت على مدار عقود طويلة من التعاون الرفيع المستوى بين البلدين في مختلف المجالات. وقد أسهم هذا الأمر في إبراز الأهمية الكبيرة لكل من الطرفين إلى الطرف الآخر، سواء كان ذلك في ما يتعلق بالتبادل التجاري أو بحركة رؤوس الأموال والاستثمارات المشتركة، أو تعلق بحركة السياحة البينية، هذا بجانب التعاون الفني والتقني في العديد من القطاعات ومن بينها الطاقة المتجددة والتعليم والصحة ونقل التكنولوجيا وغير ذلك. وخلال الأيام القليلة الماضية، شاركت الإمارات في فعاليات الدورة الخامسة لـ«معرض الصين أوراسيا»، الذي انعقد في مدينة أورومتشي عاصمة إقليم شينجيانغ الصيني، وعلى هامش فعاليات الدورة، بحث سعادة عبدالله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة الإماراتية، وهيل يون تشو، نائب الأمين العام للحزب الشيوعي الحاكم في الإقليم، فرص تعزيز التعاون الاقتصادي وتطوير الشراكة الاستراتيجية التي تجمع الإمارات والصين. وقد أكد آل صالح، متانة العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والصين، وذكر أن التبادل التجاري الكلي بين البلدين بلغ 54,8 مليار دولار في العام 2015، وأن التجارة غير النفطية شاملةً تجارة المناطق الحرة بلغت 47,5 مليار دولار خلال العام نفسه، ويشير هذا الحجم الكبير للتجارة الثنائية إلى أن الدولتين لديهما حرص كبير على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية فيما بينهما، وهو ما أكده قول آل صالح خلال مباحثاته. ولا تقتصر جهود الإمارات في تعزيز علاقاتها مع الصين على الجوانب الاقتصادية، بل إنها تشمل الجوانب كافة التي لها أهمية خاصة بالنسبة إلى البلدين، وفي هذا الإطار قال آل صالح: «إن دولة الإمارات تبدي اهتماماً خاصاً بتطوير علاقاتها مع إقليم شينجيانغ المتمتع بالحكم الذاتي، الذي يحظى بأهمية اقتصادية استراتيجية، من حيث مساحته وإمكاناته وموقعه الجغرافي، إذ يعد من المناطق الصينية القريبة نسبياً إلى الإمارات، وتربطه بها رحلات جوية يومية تسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري». ولفت آل صالح النظر إلى «وجود أغلبية سكانية مسلمة في الإقليم من شأنه أن يخلق تقارباً ثقافياً ويسهل عملية التواصل المثمر مع المجتمع الإماراتي، سواء على صعيد التجارة والاستثمار وممارسة الأعمال، أو على الصعيد الاجتماعي والسياحي والفعاليات الثقافية المختلفة»، مضيفاً أن توافق المواقف تجاه أهمية المشاركة الفاعلة في مبادرة «الحزام والطريق»، يفتح آفاقاً أوسع لتنمية هذه العلاقة المتميزة. وهذه الرغبة الإماراتية، والوعي التام بأهمية العلاقات مع الصين، والحرص على أن تكون هذه العلاقات أموراً شاملة وتقوم على مبدأ التنوع، تقابلها كذلك رغبة صينية كبيرة في تمتين العلاقات مع الإمارات، التي تعتبر السوق الأفضل والأكبر بالنسبة إلى المنتجات الصينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي هذا الإطار قال هيل يون تشو، إن جمهورية الصين وحكومة إقليم شينجيانغ، تتطلعان إلى تحقيق مزيد من النمو في العلاقة المهمة التي تربطهما بالإمارات، لا سيما بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في عام 2012، وهي التي وضعت إطاراً واضحاً للجهود الثنائية المبذولة في سبيل تعزيز التعاون المشترك. إن الإمكانات الاقتصادية والخبرات التنموية الكبيرة التي تمتلكها دولة الإمارات العربية المتحدة، وتلك القدرات التي تمتلكها جمهورية الصين الشعبية، تجعل من البلدين شريكين واعدين كل منهما بالنسبة إلى الآخر، بحيث يمكنهما من خلال توطيد علاقاتها إفادة شعبيهما أيما إفادة على المدى البعيد، فضلاً عن أن ذلك من شأنه تحفيز التجارة وحركة السياحة ورؤوس الأموال عبر الحدود الدولية، التي هي أدوات محفزة للنمو والازدهار العالمي بشكل عام. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية