تدرك الإمارات أن الانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط تتطلب الاستعانة بالكفاءات والمواهب البشرية الاستثنائية في المجالات كافة، من جميع دول العالم، لأن هذه الكفاءات لا تمتلك القدرات والخبرات التي تسهم في تنمية القطاعات النوعية المرتبطة باقتصاد المعرفة فقط، بل تنقل خبراتها إلى المواطنين، وتنمّي لديهم روح المنافسة والابتكار أيضاً. لهذا تعمل الدولة على توفير البيئة الجاذبة لاستقطاب أفضل العقول والكفاءات والمواهب الاستثنائية وتفتح الباب أمامهم ليبدعوا ويسهموا، من خلال ابتكاراتهم، في إحداث تغيير إيجابيٍّ في حياة المجتمع، وتطوير اقتصاد المعرفة. وفي هذا السياق، أعلن مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مؤخراً، نظاماً لاستقطاب الكفاءات والمواهب الاستثنائية في كل القطاعات الحيوية للاقتصاد الوطني. وإثر ذلك، أطلق الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، منظومة وزارة الداخلية المطورة لتأشيرات الدخول السياحية والعلاجية والتعليمية والخاصة بالمبدعين، وهي المنظومة التي ستضمن للدولة الحفاظ على ريادتها الإقليمية، وموضعها في سلم التنافسية العالمية في المجالات السياحية والاقتصادية والتعليمية، حيث تتيح هذه المنظومة هامشاً أكبر من تأشيرات الدخول لأصحاب الخبرات والكفاءات، من خلال ربط القطاعات السياحية والصحية والتعليمية مع هذه المنظومة، ما يبسِّط إجراءات العمل ويسرعها، وهذا -لا شك- سيسهم في دعم النشاط الاقتصادي وحركة الأعمال في الدولة من ناحية، ويرفع من كفاءة الخدمات وجودتها من ناحية ثانية. ولا شك في أن النظام الجديد لاستقطاب الكفاءات والمواهب الاستثنائية، يمثل نقلة نوعية كبيرة سيكون لها مردودها الإيجابي على أكثر من مستوى، أولها أنه سيجعل من دولة الإمارات -كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم- الحاضنة الأولى للمواهب البشرية الاستثنائية في القطاعات الحيوية كافة. ولعل من المؤشرات المهمة في هذا السياق أن دولة الإمارات تأتي في صدارة قائمة الدول الأكثر جذباً للكفاءات المهنية في العالم، وفقاً لمؤشر شركة «لينكد إن»، والتي تعد أكبر وأوسع شبكة تواصل مهني في العالم، متقدمةً في ذلك على دول مثل سنغافورة وسويسرا وكندا، وهذا يرجع في الأساس إلى أنها توفر بيئة عمل نموذجية للمبدعين والمتميزين في المجالات كافة. والثاني مواكبة مرحلة ما بعد النفط، والانتقال إلى مجتمع المعرفة والاستدامة، وهي مرحلة تتطلب كفاءات ومواهب استثنائية تكون قادرة على تنفيذ أهداف طموحات الدولة المستقبلية في المجالات كافة. فإذا كانت تجارب الدول المتقدمة تشير إلى أن السر وراء تقدمها يرجع في الأساس إلى نجاحها في استقطاب الكفاءات والمتفوقين من جميع أنحاء دول العالم، وتوفير البيئة المناسبة التي تطلق إبداعاتهم وابتكاراتهم، فإن دولة الإمارات أدركت ذلك منذ سنوات، وعملت على توفير بيئة مثالية للمبدعين وأصحاب الكفاءات، ضمن رؤيتها لبناء مجتمع الابتكار والاستثمار في المبدعين أصحاب المهارات النوعية، ممن يمتلكون القدرة على إحداث نقلات نوعية في مختلف القطاعات، وبما يواكب «رؤية الإمارات 2021» التي تستهدف أن تكون الإمارات من أفضل دول العالم في العيد الخمسين لإنشائها، ويعزز من مكانتها على خريطة الاقتصادات المتقدمة. الثالثة أن النظام الجديد لاستقطاب الكفاءات والمواهب الاستثنائية، سيسهم في رفع الكفاءة التنافسية بين المنشآت المستفيدة، ودعم مجالات أعمالها، وسيعزز -من ثمّ- الوضع التنافسي للدولة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهذا أمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية، وبخاصة أن هذا النظام لن يقتصر فقط على منح تأشيرات الدخول في المجالات السياحية والعلاجية والتعليمية، وإنما يتضمن في مرحلته الثانية تأشيرات لاستقطاب رواد الأعمال والمبتكرين والكفاءات التخصصية الاستثنائية في المجالات الطبية والعلمية والبحثية والتقنية والثقافية، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن دولة الإمارات باتت مؤهلة لاجتذاب العقول والكفاءات، ومن ثم مواصلة مسيرة الإبداع والابتكار والتقدم في المجالات كافة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية