وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب كلمات قاسية إلى واحد من أشد خصومه خلال مقابلته مع «بيل أوريلي»، المحاور في شبكة «فوكس نيوز»، والتي أذيعت الأحد الماضي. لكن ليس الرئيس فلاديمير بوتين هو مَن قوبلت المزاعم حول قتله الصحفيين باستهجان من ترامب، بل النقد كان موجهاً إلى أكبر ولاية في البلاد، أي كاليفورنيا. وقال أوريلي: «لقد أمضيت الأسبوع في كاليفورنيا. وكما تعلم، فالسكان هناك يصوتون الآن حول ما إذا كان يتعين أن تصبح ولايتهم ملاذاً. إذن كاليفورنيا والولايات المتحدة الأميركية على مسار تصادمي.. فكيف ترى هذا؟». وأجاب ترامب: «حسناً، أعتقد أن هذا أمر مثير للسخرية. وكما تعلم فإنني أعارض بشدة مدن الملاذ. فهي تولد الجريمة، وهناك الكثير من المشاكل. علينا أن نمنع التمويل، فنحن نقدم مبالغ هائلة من المال إلى كاليفورنيا التي أصبحت في نواحٍ كثيرة خارج نطاق السيطرة. ومن الواضح أن الناخبين يوافقون وإلا لما صوتوا لي». فسأل أوريلي: «إذن، فمنع التمويل هو خيارك؟». أجاب ترامب: «سلاح. إنني لا أريد منع التمويل عن الولاية، ولا عن أي شخص. أريد إعطاءهم المال الذي يحتاجونه للعمل بصورة صحيحة كولاية. وإذا كانوا بصدد إقامة ملاذ، ربما يتعين علينا فعل ذلك. بالتأكيد هذا سيكون سلاحاً». ونلاحظ قبل أي شيء أن مدن الملاذ لا «تولد الجريمة». ويظهر تحليل بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي أن الجريمة في مدن الملاذ أقل منها في المدن الأخرى. لكن هذا خارج عن الموضوع. والأهم أن ترامب يقول أمرين: الأول أن كاليفورنيا «خارج نطاق السيطرة». والثاني أنه لا يريد سحب التمويل الفيدرالي من الولاية، لكنه سيفعل ذلك إذا لزم الأمر. وكاليفورنيا واحدة من ولايات قليلة لا يعد فيها التمويل الفيدرالي نقطة نفوذ كبيرة. وفي عام 2015، بلغت حصيلة كاليفورنيا من الإيرادات الضريبية 405 مليارات دولار، أي أكثر من أقرب ولاية لها بنحو 100 مليار دولار. وهي تستهلك نصيباً كبيراً من التمويل الفيدرالي. بيد أن بيانات مركز «بيو» للأبحاث لعام 2014 مقارنة ببيانات دائرة الإيرادات الداخلية الأميركية (أي أر إس) عن نفس العام تظهر أن كاليفورنيا تعطي الحكومة الفيدرالية أكثر مما تأخذ منها. بيد أن هناك ثماني ولايات تقدم إلى الحكومة الفيدرالية أكثر مما تقدمه كاليفورنيا. معظم الولايات تأخذ أكثر مما تولد من حصيلة ضريبية. وأكثر من ذلك، فإن بيانات مؤسسة الضرائب تشير إلى أن التمويل الفيدرالي يشكل أقل بكثير من إجمالي إيرادات ولاية كاليفورنيا مقارنة بالولايات الأخرى. وهي تحتل المركز الـ43 في هذا الصدد، بينما تحصل من واشنطن على 26% من إيراداتها. وليس من الواضح الأسباب التي جعلت ترامب يقول إن كاليفورنيا «خارج نطاق السيطرة». فإذا كان يتكلم عن الأوضاع المالية للولاية، فكاليفورنيا في وضع أقوى بكثير مما كانت عليه قبل خمس سنوات. وبعد العجز الهائل في العام المالي 2011- 2012، أصبح الوضع المالي للولاية جيداً. وقد حذر الحاكم الديمقراطي «جيري براون» مؤخراً من أن الولاية ربما تواجه عجزاً في العام المالي 2017- 2018، لكن فيما يخص نسب العجز السابقة، فالتوقعات متواضعة للغاية. وإذا كان ترامب يقول إن كاليفورنيا خارج نطاق السيطرة وفقاً لمقياسه، وهو الجريمة، فإن الولاية تحت السيطرة إلى حد كبير. وعموماً فإن ترامب يشعر بالغضب من كاليفورنيا لأن ناخبيها رفضوه بأغلبية ساحقة في انتخابات نوفمبر. وقد حاول أنصاره إلحاق عبارة «باستثناء كاليفورنيا» بنتائج التصويت الشعبي، وذلك لأنه لولا كاليفورنيا لكان ترامب حصل على أغلبية ساحقة وفقاً لهذا المعيار. مع العلم أن سكان الولاية يمثلون 12% من الشعب الأميركي. ولم يقل ترامب «باستثناء كاليفورنيا» إلا ليشير إلى أن الفارق بنحو 4 ملايين صوت الذي خسر به الولاية ربما كان يتضمن الأصوات المزورة المزعومة. وفي الأسبوع الماضي، كانت حرب ترامب مع كاليفورنيا في شكل مهاجمة نظام كليتها الحكومية. فبعد اندلاع احتجاجات عنيفة في حرم جامعة كاليفورنيا بيركلي، أشار ترامب إلى أنه بصدد سحب التمويل من الكلية. وإلى ذلك، ثمة الآن حركة في كاليفورنيا للانفصال عن الولايات المتحدة، يعكف أنصارها على جمع توقيعات لإجراء استفتاء في الولاية عام 2018. فيليب بامب: محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرغ نيوز سيرفس»