هذا هو عنوان كتاب السيرة الذاتية للرئيس الكوري السابق «لي ميونج -باك»، والرئيس التنفيذي السابق لشركة «هيونداي»، الصادر من مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. في هذه السيرة الوصفية التوضيحية يصف لنا «ميونج» التحول الهائل الكبير الذي حدث في حياته وحياة الأمة الكورية، من القاع إلى القمة، من الفقر المدقع إلى الثراء والتقدم، من دولة مستعمرة معدمة تطحنها الحروب والصراعات العسكرية إلى دولة تحتل اليوم الترتيب الثالث عشر في الاقتصاد العالمي. في هذه السيرة يغوص بنا «ميونج» عميقاً في شرح أغلب التفاصيل الدقيقة التي كان لها دور مؤثر في تغيير مجرى حياته، فيقدم لنا من خلال كتابه والذي كان فيه صادقاً مع الذات وصريحاً للغاية، شرحاً وافياً لكل المراحل والتطورات والتغييرات التي مر بها وحدثت في حياته وحياة الأمة الكورية. إنه كتاب مهم نتعلم منه مجموعة من الدروس، نتعلم منه أولاً كيف واجه «ميونج» الفقر المؤلم الذي كان يعيشه هو وأسرته، وكيف تحداه، والذي وصل به إلى درجة أن قال: «لم يكن بمقدوري أخذ طعام إلى المدرسة، وفي الوقت الذي يتناول التلاميذ طعامهم كنت أذهب إلى صنبور الماء لأملأ جوفي ماءً عسى أن يسد رمقي. كنت أشرب حتى ينتفخ بطني». ورغم ذلك كان ينظر إلى الفقر على أنه فرصة ولا ينبغي أن نجعله قدراً مطلقاً ونستسلم له، بل إنه -حسب قوله- قوّاه ودفعه على مواجهة المستحيل. ويعتقد «ميونج» أنه إذا جلس فقيرا بانتظار المعونة المادية، فلن يستطيع الهرب من الفقر أبداً، فالفقر لهذا الشخص سيكون جرحاً متقيحاً لا يمكن الشفاء منه أبداً، و«في المقابل ساعد الفقر في تقوية عزيمتي وعزيمة أخوتي كذلك، فقد كنا مصرين ألا ندع الفقر يخيفنا». نتعلم من هذا الكتاب كيف كان للأم دور وتأثير أساسي في وصول «ميونج» إلى رئاسة كوريا الجنوبية، حيث يشرح لنا بالتفصيل كيف كان لوالدته تأثير في حياته الاجتماعية والوظيفية والاقتصادية والقيادية، إلى درجة أنه كلما تفوق في حياته كان يتذكرها ويبكي كثيراً عليها، لأنها كانت الأساس في نجاحه وتفوقه وتقوية عزيمته ودفعه إلى أن يصل إلى ما وصل إليه. وكان يتمنى أن تعيش وترى تفوقه المستمر، وأن تتمتع بالسعادة التي حرمت منها طوال حياتها، وكان يقول: «إن أمه المسيحية كانت توقظه وإخوته في الرابعة صباحاً وتجلس في شكل حلقة وتبدأ ترديد الأدعية الصباحية». ويتابع: «كانت تقول لي إن مساعدتك للآخرين سوف تجعلك ناجحاً في الحياة وثرياً، لأنها كانت تساعد الناس دائماً، وكانت تطلب مني مساعدة الآخرين وأن لا آخذ أي مقابل في مساعدتهم. لقد كانت تريد أن تعلمني متعة الخدمة». وأثناء رئاسته لاتحاد الطلاب الكوريين في الجامعة ودخوله السجن، يذكر «ميونج» أن أمه زارته وكانت سيدة قوية، حيث يقول: «حاولت بصعوبة أن لا تنهار أمامي، ونظرت إليّ قائلة: هل تذاكر؟ هل تصلي؟ هل قرأت الإنجيل؟ وحتى بعد وفاتها اكتشفت أنها كتبت لي خطاباً وهي على فراش المرض تدفعني فيه إلى النجاح والتفوق حيث قالت فيه: ابني الحبيب ميونج -باك، آمل أن تواصل التشبث بما تعتقد به والدفاع عنه، كن أميناً دائماً ولا تفقد شجاعتك، أنا أؤمن بقدراتك دائماً، تذكر أنني أدعو لك بالتوفيق وسأظل كذلك».