يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد غفل عن تطور مهم بتصيده المستمر للرئيس المكسيكي «إنريك بينا نيتو»، هو أنه خلال معظم ولايته الرئاسية، سيواجه رئيساً مختلفاً لتلك الدولة التي تقع على الحدود الجنوبية لأميركا. ومن المزمع أن تعقد المكسيك انتخابات في شهر يوليو 2018، ومن ثم ستتقلد حكومة جديدة السلطة بحلول ديسمبر من العام ذاته. وستمتد رئاسة الرئيس المكسيكي المقبل حتى 2024، وهذا يضمن عامين على الأقل من المواجهة المباشرة مع ترامب. وإذا نجح الرئيس الأميركي في إعادة انتخابه لفترة ثانية، فإن العلاقة ستمتد إلى ستة أعوام على الأقل. وفي حين أن ترامب قد نجح في إملاء شروطه على «بينا نيتو»، فربما يواجه مفاجأة بمجرد انتهاء انتخابات 2018، ذلك أن «أندريه مانويل لوبيز أوبرادور» و«مارجريتا زافالا»، المنافسين البازرين على منصب الرئاسة في المكسيك، لديهما وجهات نظر مختلفة تماماً لكيفية التعامل مع الأجندة الثنائية. وقد خاض اليساري المتحمس «لوبيز أوبرادور» السباق على منصب الرئيس مرتين في عامي 2006 و2012. وتعرض للهزيمة بفارق ضئيل، وشكك في كلتا النتيجتين من دون جدوى. وعلى رغم ذلك، يبدو أخيراً أنه يتجه للفوز في عام 2018. وبعد أن بررت قائمة الفضائح الطويلة في إدارة «بينا نيتو» رسالة مكافحة الفساد التي وجهها «لوبيز أوبرادور»، فقد أصبح الآن يتصدر معظم استطلاعات الرأي. وأثناء حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ظل «لوبيز أوبرادور»، غير المعروف بأنه «من أنصار الحركة الدولية»، هادئاً في معظم الأحيان، وأحجم عن توجيه أية انتقادات للتصريحات الساذجة التي أدلى بها ترامب. ولكن الأمر لم يعد كذلك، فبعد الجدل الصاخب مؤخراً بشأن الجدار الحدودي، والإلغاء المحرج لزيارة «بينا نيتو» إلى واشنطن، كسر «لوبيز أوبرادور» حاجز الصمت، وأيّد على نحو غير متوقع الرئيس المكسيكي الحالي، بعد أن دأب على الاستهانة به وانتقاده منذ عام 2012. وفي يوم الاثنين الماضي، أثناء محادثة طويلة معه في مكتبه بمدينة «ميكسيكو سيتي»، الذي يعمل فيه منذ أكثر من عقد ويتسم بالتقشف، تابع «لويز أوبرادور»، وهو يبدو مشغولاً رغم تجاوزه الـ63 من عمره وشفائه من جلطة في نهاية عام 2013، قائلاً: «لقد أبدى عدم احترام تجاه الطريقة التي ينبغي التعامل بها مع شؤون الحكومات والدول، وأساء معاملة بينا نيتو على تويتر». وأضاف: «لا أستطيع أن أصدق أن رئيس الولايات المتحدة يغرد بمثل هذه التهديدات، ويقول (قابلني.. لكن إذا لم تكن مستعداً لدفع ثمن الجدار، فلا تأتي على الإطلاق)». واستطرد «لوبيز أوبرادور»: «يبدو كأنه يقول: اقتل نفسك قبل أن نتحدث»، مؤكداً: «لم نر مثل ذلك من قبل!». ويتشكك «لوبيز أوبرادور» في أن ترامب يرتجل، قائلاً: «ربما أنه متنمّر، لكن هذه استراتيجية سياسية محكمة، فهو يتصرف بالطريقة التي يطلب منه التصرف بها»، منوّهاً إلى وجود فريق من خلفه. وعندما ذكر أمام السياسي المكسيكي اسم «ستيفن بانون»، أومأ قائلاً: «إنه أحد الأشخاص الذين يخبرون ترامب ماذا يفعل، فالرئيس الأميركي لا يستيقظ من نومه ليغرد ضد المكسيك!». بيد أن «لوبيز أوبرادور» يتصور أن بمقدوره «إقناع» ترامب بخطأ أساليبه، وتوقع فشل الرئيس الأميركي، مؤكداً أن الشعب سيسأمه، فلا أحد يريد مواجهة دائمة، لأنها لا تجدي نفعاً. وشكك في حمائية ترامب العدوانية، قائلاً: «إن عرقلة التجارة مع المكسيك لن تعيد الوظائف إلى الولايات المتحدة، ولا ريب في فشل هذه الاستراتيجية، وبمجرد أن يدرك ترامب ذلك، سيعود إلى رشده، وسرعان ما سنجد ترامب آخر». وإذا ما تم انتخابه في 2018، يخطط «لوبيز أوبرادور» إلى أن يكون شديد الوضوح مع ترامب وفريق عمله، مؤكداً: «لن نقبل مثل هذه المضايقات!». وأما السيدة الأولى السابقة «مارجريتا زافالا»، زوجة الرئيس السابق «فيليب كلاديرون»، الذي سبق «بينا نيتو»، فهي منافسة بارزة على ترشيح الحزب المحافظ المكسكي، ويبدو أنها على النقيض الأيديولوجي من «لوبيز أوبرادور» في كل شيء عدا مسألة واحدة ألا وهي: «المعارضة الشرسة لترامب». و«زافالا»، البالغة من العمر 49 عاماً، وعضو الكونجرس السابقة، التي تعمل مدرسة في المرحلة الثانوية منذ أكثر عقدين، تبدو مترددة في الحوارات الصحافية، ولكنها تحدثت بقوة ضد ترامب. وقالت: «منذ بداية حملته الانتخابية، وهو يصفنا باللصوص.. إنه خطاب كراهية!». وأكدت أن عدم احترام ترامب للمكسيك يجب ألا يتم التسامح معه. ------------------- ليون كروزي* * صحافي مكسيكي ومذيع أخبار يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»