الأسبوع الماضي كان حافلاً بالأطروحات والأفكار تضمنتها القمة العالمية للحكومات، لكن المستقبل كان هو الشعار الأساس الذي عرج عليه كل مفكر، وطرق بابه كل منظر، ولأن البشرية تمر بمرحلة انتقالية، فإن للعرب شأنا لابد من التفكر فيه، فلن نبقى صرعى لعقلية المؤامرات الدولية. من يفكر بلغة المؤامرات فإن السؤال الذي نُحت في عقليته هو ماذا كسبت البشرية بتخلف الأمة العربية؟ عندها ستجد إجابات تقودك إلى المزيد من الإحباطات منها، أن العرب فقدوا بسبب التخلف الحرية السياسية، فأصبحوا تبعاً بعد أن كانوا قادة.. ومنها أن العالم جعل العرب مصدراً للخامات الأولية، ولم يسمح لهم بتحويلها إلى منتجات تجارية تدر عليهم أضعافاً مضاعفة من الرخاء الاقتصادي والسعادة الاجتماعية.. وأخطر من ذلك كله أن العقول العربية المبدعة لم تجد المحاضن المناسبة لها في أمتها فهاجرت لدول رحبت بها، لن ننكر وجود من أراد للأمة أن تبقى رجعية. لكن كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في كلمته التاريخية «أؤمن بالمؤامرات، لكن الدول المتأخرة هي من توقفت عن العمل بسبب ذلك». ما أروعها من حكمة وجمالها أنها صادرة من عقلية غير تقليدية، تعودنا في العالم العربي على خطابات طنانة رنانة بحت بها حناجر بعض القادة، لكن الشارع العربي كان يرفضها، لأنها أقوال خالفتها التجربة الحقيقية لتلك الدول العربية، الصورة مقلوبة في الإمارات العربية، فعندنا قادة لم يتكلموا إلا بعد أن نجحوا وتميزوا، عندها فقط كتبوا نظرياتهم التي سطرها كتاب الواقع تحت فصول تجارب عالمية متميزة، لذلك نالت حظها من الإشادات الدولية من هنا نفهم كلمة «كريستين لاجارد»، مدير عام صندوق النقد الدولي، في الكلمة الرئيسة في القمة العالمية للحكومات عندما قالت «محمد بن راشد مصدر إلهام». إن تعمقنا كثيراً في الدور العالمي للعربي اليوم- من وجهة نظر خارجية- سنجد أن العربي المسلم رُبط بالإرهاب العالمي، الذي لن نبرره بتردي الوضع الاقتصادي، أو وجود التطرف الديني، لأن كل ما سبق لا يشفع لنا عند غيرنا حتى لو أضفنا لذلك أن أراضي العرب المقدسة قد اُغتصبت تحت مبررات غير منطقية، فإن السر الأساس في تردي الأوضاع مرده إلى القيادة الفاشلة التي قال لها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قبل عقد من الزمان «تغيروا وإلا سيتم استبدالكم»، وقد بين الباحثون في مجال التطرف المشاركون في القمة العالمية أن البحث في جذور التطرف الديني يعود لعوامل محددة منها غياب الرأي الآخر في المجتمع العربي، وأن تكون حياة الإنسان مقدرة فقد قال البروفيسور «آري كروغلانسكي»، «لمكافحة العنف يجب على الحكومات تقليص شعور عدم الاعتراف بالآخر»، وأضاف «سكوت آترن»، «هناك من انضم إلى «داعش» للبحث عن الكرامة». إنْ أردنا لأمة العرب صحوة حقيقية لابد أن تسبقها نهضة فكرية وطفرة اقتصادية في مجتمع يقدر الإنسان مهما كان، شعاره الخالد متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، هذه العبارة سطرتها أميركا في مقدمة دستورها وجعلتها نهجا لحياتها، فكان لها من التاريخ ما كان. المنطقة العربية هي مهد جل الحضارات العالمية، وبالإمكان العودة لتحقيق تلك النهضة متى ما أوجدنا الأسس والقواعد المتينة، القائمة على العلم والمعرفة واحترام العقول المبدعة، هذا ما ركز عليه معالي «كينتارو سونورا»، وزير الدولة للشؤون الخارجية الياباني، في كلمته الرئيسة في القمة العالمية للحكومات، حيث قال: تتفق القيم اليابانية والإماراتية في ثقافة الابتكار «إنْ حققنا ذلك ستكسب البشرية طاقات إيجابية اسمها العقول العربية».