لا يشتهر الرئيس دونالد ترامب بوديته تجاه الإعلام، لكن تغريدته مساء الجمعة كانت حادة للغاية، فقد وصف وسائل الإعلام بأنها «عدو الشعب الأميركي». وقد وصفت «نيويورك تايمز»، وكانت ضمن وسائل الإعلام التي هاجمها ترامب، تغريدته بأنها «تصعيد صارخ» من زعيم «ينتقد الصحفيين بشكل روتيني». ووصف «جابرييل شيرمان»، محرر الشؤون الوطنية بمجلة «نيويورك»، التغريدة بأنها «حديث ديكتاتور كبير». إن عبارة عدو الشعب «يستخدمها زعماء للإشارة إلى الحكومات الأجنبية المعادية أو المنظمات التخريبية»، وفقاً لما كتبته «نيويورك تايمز». وأضافت: «وهي أيضاً ترديد للغة المستبدين الذين يسعون لإنهاء معارضيهم». في التعبير الأصلي، لم يكن عدو الشعب رمزاً لـ«عدو النظام». وفي أحد استخداماتها المبكرة، كانت العبارة تستخدم لوصف أحد الزعماء، وهو «نيرو». فقد كان الإمبراطور الروماني كارثياً، وعندما أصاب الدمار بلاده وأرهقتها تكاليف إعادة الإعمار والانخفاض الهائل في عملتها، كان يقضي عطلته في اليونان، ولدى عودته أعلن «نيرو» عدواً للشعب ووضع الخطط لاعتقاله وإعدامه. وكانت المسرحية التي كتبها «هنري إبسن» عام 1882 بعنوان «عدو الشعب» هي الأكثر شهرة، وهي تروي قصة طبيب كان على وشك الخروج من المدينة بسبب مقال كتبه وينتقد فيه الحكومة. وجاءت الفكرة إلى إبسن بعد الضجة التي أثارتها مسرحيته «الأشباح»، التي كانت بمثابة تحدٍّ لنفاق الأخلاق الفيكتورية، وكانت تعتبر غير لائقة. وكان هتلر معجباً بإبسن، ويقال إنه قرأ مسرحية «عدو الشعب» بتأمل، وكان يقتبس بعض سطورها في خطبه. وكتب وزير دعايته «جوزيف جوبلز» عام 1941 أن «كل يهودي هو عدو لدود للشعب الألماني». وكان قادة الاتحاد السوفييتي يحولون «عدو الشعب» إلى أداة رئيسة لقمع وإسكات المخالفين. واستخدم «فلاديمير لينين» العبارة كتسمية لوصم أي شخص لا يلتزم بالقواعد. أما بالنسبة لـ«جوزيف ستالين» فكان وصف الأشخاص بأنهم أعداء للشعب بمثابة حكم بالإعدام، خاصة بحق السياسيين والفنانين الذين لم يكن يحبهم. وبمجرد أن يوصف أحد هؤلاء بهذا الوصف، يتم إرساله إلى معسكرات العمل أو قتله. وفي أحسن الأحوال، كان «عدو الشعب» يُحرم من التعليم والعمل. «وبالنسبة لكل من لينين وستالين، يأتي الصحفيون والمفكرون الذين لا يشاركونهما وجهات نظرهما ضمن أبغض أعداء الشعب»، كما ذكر «سيرهي يكيلتشيك»، الأستاذ بجامعة واشنطن، والذي أضاف: «من خلال مهاجمة هؤلاء، كان كل من الزعيمين يناشد الشعب». ومن ناحية أخرى، استخدم الديكتاتور الصيني «ماو تسي» هذه العبارة ضد الناس الذين ينتقدون سياساته وإملاءاته. وكان هذا الزعيم، الذي تسبب في حدوث مجاعة أودت بحياة 26 مليون صيني، مهووساً بتحديد واستئصال أعدائه. وكما أوضح «شينج يوان فو» في كتابه «التقاليد الاستبدادية والسياسة الصينية»، فقد كان يتم استدعاء كل عضو في المجتمع الصيني، حتى الأطفال، لاجتثاث ملاك الأراضي والمدرسين والمثقفين والفنانين الذين يعارضون «ماو». وكتب: في حين أن «الناس» يوصفون بعبارات «الدفء والود والصراحة والشجاعة وكل ما هو جيد»، فإن فئة الأعداء توصف بـ«القسوة والمكر والأخلاق السيئة والشر». وما زالت عبارة «عدو الشعب» تستخدم حتى الآن، لكننا في الغالب نسمعها من القادة المستبدين، ولم يحدث أن تلفظ بها أي زعيم في العالم الحر. ويضاف استخدام هذه العبارة إلى الأشياء التي تجعل رئاسة ترامب غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة. أماندا إريكسون محررة الشؤون الخارجية في صحيفة «واشنطن بوست» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»