تعاني فنزويلا من كابوس سياسي واقتصادي واجتماعي ينذر بمخاطر التحول إلى دولة فاشلة. وعلى رغم أن هناك صيغة لوقف هذه المأساة، إلا أنه من الواضح أن الوقت ليس في صالحنا. وفي حين أن تكلفة تجاوز الأزمة هائلة، إلا أن عدم مواجهتها بشكل حاسم، كما بدأنا بالفعل، ستكون له عواقب لا تطاق. وقد بات من الضروري أن نبدأ هذا الطريق. ومع عقد الجمعية التأسيسية بشكل غير قانوني، من وجهة نظري، أغلق النظام الحاكم الباب أمام آخر فرصة لفنزويلا للتوصل إلى حل انتخابي بحت. وكل الطرق المؤسسية للتغيير -مثل إجراء استفتاء لإقالة الرئيس أو إجراء انتخابات إقليمية- تم بالفعل منعها من قبل النظام من أجل البقاء في السلطة. ولأنه ليس هناك أي طريق آخر يمكننا من خلاله تأكيد إرادتنا، تدفق الفنزويليون إلى الشوارع في احتجاجات لمدة تزيد على 50 يوماً متواصلة، في مسعى لاستعادة ديمقراطيتنا. إن عزمنا لا رجعة فيه، على رغم استجابة النظام الصعبة. وقد لقي 57 مواطناً، معظمهم في العشرينات من العمر، مصرعهم، بينما أصيب مئات غيرهم. كما تم اعتقال 2500 شخص بشكل تعسفي، وبعضهم حوكم بشكل سريع أمام محاكم عسكرية وتلقى أحكاماً بالسجن، وذلك لممارستهم الاحتجاج السلمي. والدعم الدولي للقضية الديمقراطية كبير، بينما يتراجع التأييد الداخلي للنظام مع كل يوم يمر. وقد اختار الموالون السابقون للحكومة، مثل المدعي العام وقضاة المحكمة العليا، بحكمة تأييد الدستور، لا انتهاكه بشكل صارخ. ويطالب 80% من سكان فنزويلا بتغيير الحكومة. وفي مواجهة هذا الواقع الذي لا مفر منه، ولم تعد هناك إمكانية لإسكاته، لم يعد أمام المجموعة الحاكمة خيار آخر سوى التشدد في أجندتها بشكل أكبر. والمسار الفوري للعمل من أجل التغيير واضح وملموس. وسنستمر نحن الفنزويليون في الخروج إلى الشوارع وتصعيد الضغط من خلال الاحتجاجات السلمية. وينبغي أن يتوقف الجنود عن توجيه أسلحتهم إلى المواطنين العزل. ويتعين على المجتمع الدولي أيضاً الاستمرار في تذكير القوات المسلحة الفنزويلية، وكل شخص في القيادة، بأن الجرائم ضد الإنسانية ليس لها قانون للتقادم ولا تمر دون عقاب. ويمكن الاعتراف بالجمعية الوطنية، المنتخبة من خلال تصويت 14 مليون فنزويلي في ديسمبر 2015، باعتبارها الفرع الوحيد للحكومة الذي يتمتع بشرعية كافية من حيث الأصل، والصفات والقدرات الضرورية لحماية عملية منظمة للتحول إلى الديمقراطية. ومن ناحية أخرى، فإن القيادة السياسية للبلاد ملتزمة على وجه السرعة بإقامة اتفاق وطني واسع يشمل جميع قطاعات المجتمع، بما فيها جميع المتعاطفين مع الحكومة الحالية ممن هم على استعداد للمشاركة في إطار تعددي، والالتزام بمبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان العالمية. وهذا الاتفاق الوطني، الذي يستند على شرعية الجمعية الوطنية التي لا يمكن إنكارها، سيفسح المجال لتشكيل حكومة انتقالية للوحدة الديمقراطية، المكلفة بمهمة إعادة إرساء سيادة القانون في فنزويلا. وستعطي هذه العملية أولوية لتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة لوضع حد لأزمة الصحة والفقر في بلدنا، مع التصدي للمخاطر الأمنية الداخلية الناجمة عن وجود عناصر مسلحة شبه عسكرية تهدد الاستقرار والحكم. ومن شأن هذه العملية أيضاً اتخاذ التدابير التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار الفوري للاقتصاد، علاوة على التعافي المؤسسي الحاسم لنظامنا القضائي. وسيتم الإفراج عن جميع السجناء السياسيين. وبمجرد تأكيد سيادة القانون، ستكون الحكومة الانتقالية ملزمة بالدعوة لإجراء انتخابات رئاسية، في إطار زمني معقول وسريع. ومن خلال إجراء انتخابات حرة وشفافة وتحت إشراف دولي، سيتمكن المواطنون من انتخاب حكومة شرعية جديدة والانطلاق نحو المستقبل. واليوم، تبذل فنزويلا التضحيات الجسام من شبابها لمقاومة الإفقار المتعمد لأمة بأكملها، مع أنها تكتلك ثروات هائلة. وقد فهمنا الدرس. يجب ألا نتنازل عن الكرامة بسذاجة. فهذه هي الأيام الأخيرة للديكتاتورية. والآن وقد فهمنا أن قوتنا في الطريق إلى الحرية، أصبحت فنزويلا أكثر توحداً من أي وقت مضى. لقد وصلنا إلى النقطة التي أصبح فيها النصر ملموساً. وأصبحت الحرية في النهاية في متناول أيدينا. --------------------- ماريا كورنيا ماتشادو* رئيسة حزب «فينتي» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»