(إن أعضاء المجلس الوطني الاتحادي هم أبناء وإخوان، يجب الاعتماد عليهم والأخذ برأيهم وعليهم مسؤولية كبرى تجاه الأمة وتجاه الوطن، وعليهم أن يتابعوا كل كبيرة وصغيرة.)..تلك كانت إحدى مقولات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وباني نهضتها في النواحي كافة، بما في ذلك الجانب التشريعي المتمثل في المجلس الوطني الاتحادي، والذي كان المغفور له بإذنه تعالى، يرى فيه عوناً للحكومة للقيام بواجباتها، وتحمل المسؤولية الوطنية، وعاملاً على تحقيق التوازن بين السلطات المختلفة في الدولة. وقد استمر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على النهج نفسه، وأرسى مرحلة التمكين، والتي كان من أبرز سماتها أن شهدت الإمارات أول انتخابات تشريعية لاختيار نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، وقد قال رئيس الدولة عن تلك الانتخابات: (نريدها منطلقاً لآفاق أرحب وممارسة أشمل على طريق المشاركة في صياغة القرار وتحمل المسؤولية). إذن نحن نشهد حقبة تاريخية من العمل البرلماني في دولة الإمارات، والتي أساسها التعاون الوثيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وينعكس ذلك بوضوح على مشاركة العديد من وزراء الحكومة في جلسات المجلس أو إرسال الردود على استفسارات الأعضاء في حال تعذر حضور أحد الوزراء لجلسة النقاش. ولعل من أبرز الأمثلة على تلك العلاقة بين السلطتين، ما يقوم به الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، من المشاركة في جلسات المجلس عندما يتعلق الأمر بقضية تختص بها وزارة الداخلية أو إرسال الإجابات الكتابية عن أسئلة أعضاء المجلس في حال تعذر على سموه الحضور شخصياً. وعلى الجانب الآخر، لوحظ مؤخراً من خلال تسجيل لإحدى جلسات المجلس الأخيرة تناولته وسائل التواصل الاجتماعي، تنامي الاستياء من بعض أعضاء المجلس الوطني إزاء ما يعتبرونه تجاهلاً وتقصيراً وعدم تعاون من وزير التربية والتعليم، سواء في تزويد لجنة التربية والتعليم بالمعلومات المطلوبة لأداء مهامها أو لحضور الجلسة المخصصة لمناقشة تقرير اللجنة حول أوضاع التعليم في الدولة. وقد وصفت الأستاذة ناعمة الشرهان، رئيسة اللجنة، الأوضاع في الميدان التربوي «بعدم الاستقرار في جميع المحاور، سواء الطالب أو المٌعلم أو ولي الأمر»، ما يعكس خللاً حقيقياً لا بد من علاجه. ما لمسته عند سماعي لمداخلات بعض أعضاء المجلس، وفي مقدمتهم رئيسة اللجنة، يعكس بوضوح «نبرة استسلام ويأس» من التعاون مع وزارة التربية والتعليم، بل وصل الأمر إلى إطلاق «التمنيات» بضرورة تجاوب الوزارة لمطالب المجلس الوطني حتى لو بلغ الأمر مخاطبة صاحب السمو رئيس الدولة، أو صاحب السمو نائب رئيس الدولة. وقد ساق الأعضاء مبررات منطقية لذلك مرتبطة بتوقعات الناخب الإماراتي الذي سيتجه لصناديق الاقتراع عقب عامين تقريباً، وسيكون التساؤل على لسانه للأعضاء الراغبين في إعادة الترشح: ماذا فعلت لأبنائي في الميدان التربوي حتى أُعيد انتخابك؟! شخصياً، حذرت قبل أسابيع قليلة من مخافة أن يصل الأمر بين أعضاء لجنة التربية والتعليم وبين وزارة التربية والتعليم لهذا المستوى من «فقدان الثقة»، وكررت الدعوة أكثر من مرة بضرورة قيام الوزارة بالتعاون مع اللجنة لأداء مهامها ومتابعة مخرجات اللجنة وترجمة توصياتها لواقع ملموس. ولكن واقع الأمر يؤكد أن الأمر في حاجة إلى تدخل عاجل وفوري لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسة. الأول، إعادة الثقة بين المجلس الوطني ووزارة التربية والتعليم، والثاني إعادة الثقة بين وزارة التربية والتعليم والمواطن الذي يهتم بأوضاع أبنائه في المؤسسات التعليمية، والهدف الثالث التأكيد على متانة العلاقة بين الناخب الإماراتي وعضو المجلس الوطني، وإثبات أن العملية الانتخابية لها ثمارها الحقيقية، وليست‏? ?شعارات? ?فقط.