تولي القيادة الرشيدة اهتماماً استثنائياً بإعداد وتأهيل الكوادر الوطنية المتخصصة ضمن رؤيتها الشاملة لتنمية المورد البشري، الذي تقوم عليه كل جوانب التنمية، ولا يمكن الحديث عن أي تقدم أو تنمية من دونه، وخاصة في مرحلة ما بعد النفط التي تستهدف إقامة اقتصاد قائم على المعرفة. وهذا ما أشار إليه بوضوح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، مؤخراً لدى ترؤسه الاجتماع الرابع عشر للمجلس في أبوظبي، حيث أشاد سموه بجهود القيادة الرشيدة لضمان جاهزية مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني لتنظيم المسابقة العالمية للمهارات، خلال الفترة من 14 إلى 19 أكتوبر المقبل في أبوظبي، مؤكداً أن هذه المسابقة تأتي في إطار استراتيجية القيادة الرشيدة لصناعة الكوادر الوطنية المتخصصة في مختلف المجالات التي تتوافق مع مستقبل الدولة خلال مرحلة ما بعد النفط. «المسابقة العالمية للمهارات أبوظبي 2017» تتيح فرصة مهمة لتطوير التعليم التقني والمهني والفني، وزيادة نسبة الملتحقين بهذا التعليم المتخصص، بما يتوافق مع الاحتياجات الفعلية للمشروعات الصناعية، وسوق العمل بالدولة، وخاصة أن هذه المسابقة باتت تمثل نافذة مهمة لأبناء وبنات الوطن للتفاعل عن قرب مع شباب العالم الذين يتنافسون فيما بينهم في مختلف المهارات التكنولوجية والتقنية والصناعية، حيث يمثل هؤلاء الشباب العديد من دول العالم صاحبة التجارب الناجحة في توظيف التعليم المهني والتقني والفني في الارتقاء بالاقتصاد، وخاصة قطاع الصناعة الذي يقوم على الابتكار والإبداع، ومن ثم فإن الحرص الذي توليه الدولة لإنجاح المسابقة العالمية للمهارات التي ستقام في أبوظبي في أكتوبر المقبل يشير إلى أمور عدة مهمة: أولها، تشجيع الطلاب على الالتحاق بالتعليم التقني والفني والمهني، الذي بات يشكل إحدى الأدوات المهمة للارتقاء بالعنصر البشري وتأهيله لمواكبة متطلبات سوق العمل في الدولة. ثانيها، التأسيس لقطاع فاعل وكفء من التعليم والتدريب الفني والتقني، يستفيد من التجارب العالمية الرائدة في هذا الشأن، والتي نجحت في تحويل هذا النوع من التعليم إلى قاطرة للنمو الاقتصادي، وخاصة بعد أن أصبحت التنافسية الحقيقية للدول تقاس بمقدرتها على تخريج عمالة نوعية مدربة تلبي الاحتياجات، وتتماشى مع احتياجات أسواق عمل تخضع لقواعد ومتطلبات العولمة. وفي هذا السياق، أوضح معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، أن مشاركة شباب الإمارات في 31 مهارة متخصصة بالمسابقة العالمية للمهارات، تكتسب أهمية كبرى تتمثل في تمكين المواطنين من التعامل مع أحدث التطورات في مجال المهارات التقنية والمهنية، الأمر الذي يمكّن الدولة من التنافسية العالمية. ثالثها، أن قطاع التعليم التقني والفني، وما يستهدفه من الارتقاء بقدرات المواطنين وتأهيلهم للمنافسة في سوق العمل، من شأنه أن يسهم في تحقيق أولويات سياسة التوطين في الدولة، التي تستهدف بالأساس توظيف جميع الكوادر البشرية المواطنة في مختلف المجالات. لا شك في أن الاستثمار في بناء الكوادر الوطنية المتخصصة بات يمثل توجهاً استراتيجياً لمواكبة طموحات الإمارات وانتقالها لمرحلة ما بعد النفط، التي تتطلب كوادر مواطنة تمتلك مهارات خاصة، ومتسلحة بالعلم والمعرفة، من أجل إرساء أسس نظام اقتصادي مستدام، ولهذا فإن هناك مبادرات وجهوداً عديدة تشارك فيها الجهات المختلفة بهدف تأهيل الكوادر الوطنية تأهيلاً علمياً سليماً، سواء من خلال العمل على توفير البيئة المواتية لعملية تعليميّة تأخذ بأرقى المعايير العالمية في الداخل، أو من خلال توفير الفرص لأبناء وبنات الوطن لاستكمال تعليمهم في الخارج في أرقى الجامعات والمعاهد العلمية، لاسيما تلك المتخصصة في المجالات النوعية الدقيقة التي تخدم أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، كالطاقة النووية والطاقة المتجددة، وهندسة الطيران وتطبيقات النانو تكنولوجي المختلفة، وبما يسهم في إيجاد قاعدة كبيرة من المواطنين المتخصصين في هذه المجالات، يمتلكون القدرة على التعامل بفاعلية مع التطورات المتسارعة التي يشهدها عالم اليوم في مجال التكنولوجيا وثورة المعلومات، وتطويعها لخدمة اقتصاد المعرفة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية