فرضت إدارة الرئيس دونالد ترامب يوم الثلاثاء الماضي عقوبات إضافية على عشرات الأفراد والشركات المرتبطة بالتدخل الروسي في أوكرانيا. وهذا الإجراء قد يبدد قلق بعض المراقبين الذين شعروا بقلق من أن تتنكر الولايات المتحدة لتعهداتها مع أوروبا، وتصلح العلاقات مع روسيا. وقد استهدفت العقوبات 38 فرداً ومؤسسة جديدة ما يؤكد مسؤولون أميركيون أن لهم علاقة بتشديد قبضة الكرملين على شرق أوكرانيا، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون إلى التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع الأوكراني الدائر منذ ثلاث سنوات. وقد أعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في بيان، يوم الثلاثاء الماضي، أن العقوبات تهدف إلى «مواصلة الضغط على روسيا لكي تعمل على التوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع». والإجراء ملفت للانتباه بالنسبة لإدارة خشي الحلفاء أن تنقلب على التعهدات التقليدية، وتتخلى عن أوكرانيا في سبيل التقارب مع روسيا. ولكن هذه العقوبات الجديدة قد تبدد بعض هذه المخاوف باتباعها النهج نفسه الذي اتبعه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في التعامل مع موسكو. ويعتقد «شون كين»، خبير العقوبات والتجارة الدولية في شركة «هوجيز هوبارد آند ريد» للاستشارات القانونية، أن العقوبات الحالية «تبدو كقائمة خرجت في ظل الإدارة السابقة». والتوقيت مثالي. فقد جاءت العقوبات عشية اتفاق جديد للاتحاد الأوروبي على تمديد العقوبات ضد روسيا لعام آخر مما يشير إلى تضامن عبر الأطلسي، وهو ما قد يبدو مسألة نادرة في عهد ترامب. وجاءت العقوبات الجديدة بعد أسبوع من تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية كاسحة على إقرار جولة جديدة من العقوبات ضد روسيا. وجاءت في اليوم نفسه الذي حاولت فيه روسيا تحديد سعر لإصداراتها الجديدة من السندات، مما يحبط خطط موسكو لنفخ روح جديدة في اقتصادها المتوعك. وزار الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو واشنطن يوم الثلاثاء الماضي في أعقاب الإعلان عن العقوبات، مما يشير إلى رغبة إدارة ترامب في دعم كييف بعد تنامي المخاوف من التخلي عنها مقابل بعض صيغ الصفقات الكبيرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويعتقد «كين» من شركة «هوجيز هوبارد آند ريد» للاستشارات القانونية أن توقيت زيارة بوروشينكو ربما يكون «مصادفة سعيدة»، لأن الخزانة لا تستطيع أن تجمع كل هذه الأمور بين عشية وضحاها، لأن إعدادها يستغرق أشهراً عديدة. والعقوبات تستهدف بعض مسؤولي الحكومة الكبار في المناطق الانفصالية في أوكرانيا المدعومة من قبل الكرملين، والمؤسسات المالية التي تستثمر في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014. وقائمة العقوبات تتضمن سيرجي نزاروف، نائب وزير التنمية الاقتصادية الروسي الذي يُزعم أن له يداً في تمويل وإمداد المجموعات المدعومة من طرف روسيا في شرق أوكرانيا، وشركة «وولف» القابضة للهياكل الأمنية وهي منظمة تقدم فنون القتال والتدريب العسكري التكتيكي للمقاتلين المؤيدين للكرملين في شرق أوكرانيا وتنتسب إليها مجموعة درجات نارية سيئة السمعة تعرف باسم «ذئاب الليل»، وكذلك شركة «أي. إف. دي. كابيتال» الخاصة التي تستثمر في الفنادق في القرم. وكان ترامب قد أشار إلى استعداده لإصلاح العلاقات مع روسيا حين جاء إلى السلطة، وهو مسعى أصبح أصعب بسبب التهم المتعلقة بروسيا التي ما زالت تطارد إدارته. وقد قال ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأميركي، لمجلس الشيوخ في جلسة استماع الأسبوع الماضي: «إن علاقتنا في أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة، وهي تنخفض أكثر. ولا يمكن أن يكون هذا هو حال العلاقة بين أكبر قوتين نوويتين في العالم. يتعين علينا أن نحقق الاستقرار، وأن نبدأ في البحث عن طريق للعودة». ولكن بينما تفكر الإدارة في هذا المسار، أشارت وزارة الخزانة يوم الثلاثاء إلى أنها ستواصل سياسة عهد أوباما كالمعتاد، ما لم يجر توجيهها في اتجاه آخر. ويؤكد «إيدي فيشمان»، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الذي ساعد في صياغة عقوبات أميركية على روسيا في إدارة أوباما أن «تحرك اليوم يوضح أن وزارة الخزانة في ظل إدارة ترامب ستواصل التمسك بهذا العرف. إنها بادرة جيدة على أن العقوبات على روسيا لن تتقلص نتيجة التجاهل في عهد إدارة ترامب». --------------- روبي جرامر* * مساعد مدير مبادرة الأمن عبر الأطلسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»