محمد فهمي المراسل السابق لقناة «الجزيرة»، هو آخر شخص يمكن أن يتوقع منه تقديم أدلة تدين القناة. ففي عام 2014 بدأ «فهمي» مدير مكتب «الجزيرة مباشر» في القاهرة، قضاء فترة محكوميته بالسجن لمدة 438 يوماً، بتهمة الإرهاب، وممارسة العمل الصحفي من دون ترخيص. واليوم يستعد «فهمي» لرفع دعوى ضد جهة عمله السابقة، ويقول إن الحكومة المصرية على حق في اتهامها لـ«الجزيرة» بأنها في حقيقة الأمر، قناة دعائية للإسلاميين، وذراع للسياسة الخارجية القطرية. «فهمي» قال لي في مقابلة أجريتها معه يوم الخميس الماضي: «كلما زادت القناة من تنسيقها، وتلقيها الأوامر من السلطات، كلما تحولت أكثر لتصبح بوقاً للاستخبارات القطرية». وأضاف فهمي«هناك الكثير من القنوات المنحازة، ولكن ما تفعله الجزيرة، يتجاوز الانحياز حيث تحولت- فعلياً إلى صوت للإرهابيين». وشهادة فهمي تحمل أهمية خاصة في الوقت الراهن، وذلك بعد أن باتت القناة في قلب أزمة تواجهها دول الخليج العربي، بسبب الممارسات القطرية. وفي تاريخ سابق من هذا الشهر فرضت السعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين إجراءات لمقاطعة قطر سياسياً واقتصادياً، جرى بموجبها طرد القناة من تلك الدول. وتقارير قناة «الجزيرة» الناطقة بالعربية لا تستوفي المعايير المهنية الإعلامية، التي تحاول التظاهر بالتمسك بها في قناتها الناطقة بالإنجليزية، فهي مازالت، على سبيل المثال، تذيع برنامجاً أسبوعياً حوارياً ليوسف القرضاوي الرجل المتشدد المنتمي للإخوان المسلمين، الذي يستغل البرنامج كمنبر لإطلاق الفتاوى المبررة للإرهاب. في معرض التدليل على دعم القناة للإرهاب، قال لي «فهمي» إنه علم من خلال أبحاث أجراها، أن هناك تعليمات صدرت لصحفيي «الجزيرة» بعدم الإشارة إلى «جبهة النصرة» فرع«القاعدة» في سوريا، على أنها منظمة إرهابية. وقال فهمي أيضاً إن قيام جيران قطر بحظر القناة أمر مبرر، وكانت عباراته حرفياً «لأن الجزيرة انتهكت المعنى الحقيقي لحرية الصحافة، التي أدافع عنها واحترمها من خلال سماحها لأصوات الإرهاب مثل يوسف القرضاوي بإطلاق فتاويه من خلالها» وأضاف:«وإذا ما استمرت الجزيرة في القيام بذلك، فستكون هي المسؤولة بشكل مباشر عن زيادة عدد الذئاب المنفردة من الشباب المسلم، الذي غسلت أدمغته». وأثناء قضائه فترة الحكم في سجن العقرب المصري، تعرف على بعض الإسلاميين سيئي السمعة، وعرف من خلالهم أنهم كانوا يصورون الاحتجاجات ضد الحكومة في مصر، ويبيعونها لقناة «الجزيرة». كما عرف منهم أيضاً أن «الجزيرة» كانت تنسق مع «الإخوان» أثناء «اعتصام رابعة» في صيف 2013، عقب الإطاحة بالرئيس «الإخواني» السابق محمد مرسي، لدرجة سماحها باستخدام عربة النقل التلفزيوني التابعة لها، لنقل وقائع ذلك الاعتصام. يقول فهمي إن كل تلك المخالفات، قد حدثت قبل أن يستلم عمله كرئيس لمكتب «الجزيرة مباشر» في القاهرة، وأنه لم يكن يعلم عنها شيئاً، وأنها عرضت موقفه القانوني للخطر فيما بعد، وجعلته عاجزاً عن إقناع قاضي التحقيق أنه كان يمارس الصحافة فحسب. في الوقت الراهن يعود «فهمي» لتحويل اهتمامه لـ«الجزيرة» مجدداً، ويضغط على محكمة في كولومبيا البريطانية، لسماع مرافعته في يناير القادم ضد الشبكة، التي يطلب منها تعويضاً بقيمة 100 مليون دولار لإخلالها بشروط تعاقدها معه، وإهمالها، وتحريفها للحقائق. وقضية فهمي تقدم دليلاً إضافياً، على أن السياسة الخارجية لقطر هي في حقيقة الأمر سياسة مزدوجة: فهي من ناحية تستضيف قاعدة عسكرية أميركية تستخدم لمكافحة الإرهاب، في الوقت ذاته الذي تقوم فيه بتمويل قناة تستخدم كمنبر إعلامي للإرهابيين. إيلي ليك* *كاتب متخصص في شؤون الأمن القومي والاستخبارات ينشر بترتيب خاص مع خدمة«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»