قمة الإبداع أن تجعل لدى أعداء التغيير والإبداع قبولاً لتبني فكرتك وإعطائهم شعوراً بأنها فكرتهم وضرورة تدخلهم لجعلها فكرة ناجحة وتطعم طرحك بميولهم الفكرية والمهنية، وأن تشعرهم بأن أسئلتهم ومقترحاتهم تضيف بعداً آخر على الفكرة، مما يجعلها أكثر عملية، وبأنهم أزالوا عنها بأسئلتهم ومقترحاتهم معوقات الفشل، وهو أسلوب سيجعلهم يتكفلون بالباقي طوال فترة العرض والدفاع المستميت عن مشروعك! فيجب علينا التفكير خارج منطقة الراحة والتنافسية التي تعودنا عليها للخروج بحلول غير متوقعة للتحديات. فالمبدعون يفكرون خارج نطاق المألوف وهم أهم ثروات الشعوب المتقدمة وفي عالمنا العربي يكون المبدع حبيس وظيفة ما لا يخرج منها ليخدم مرؤوسيه، ويبدون هم كعباقرة حتى يستمرون في الظهور السينمائي ويصبحون نجوم مؤسساتهم، فلا بد أن تخفى تلك الجوهرة عن الأنظار بل حتى لا يلجأ إليها بعد وصول المتسلق لغايته، ويقفز على زهرة إبداع أخرى لامتصاص رحيقها وقد تحارب أفكار ومشاريع المبدع في المهد حتى لا يأتي سؤال «من هو صاحب الفكرة أو المشروع». وربما يعتبر البعض أن إخفاء مشاكل وتحديات المؤسسة وحلها على فترات طويلة هو ضمان لبقائهم، كونهم أهل التخصص والأكثر خبرة واطلاعاً، وبالتالي نسبة حلها معهم أكبر فلا يغادرون مناصبهم أبداً، أو اللجوء للخبرات الأجنبية لتضع لهم الحلول وهم فقط يقومون بمهارة تقديم العروض! فالمبدع الذي يفكر خارج الصندوق، وهنا يرمز الصندوق للنمط السلوكي التقليدي في التفكير وحل المشاكل، فالشخص الذي يفكر خارج الصندوق له مواصفات خاصة يولد بها، وتصقل من خلال تدريب العقل على طرق تفكير غير اعتيادية، وتوجيه طاقة الإنسان الإيجابية نحو الحلول المبتكرة والإيمان بأنه لا يوجد مستحيل، أو تحدٍّ ليس له حل، وديمومة النظر بطريقة مختلفة لكل أمر يمر عليه، وبالتأكيد الممارسة المستمرة والتخصص في ذلك من خلال مراكز تفكير إبداعية بها عصف ذهني شبه يومي، وتلك المراكز يجب أن تكون متوفرة في كل مؤسسة تنشد الريادة من خلال الإبداع والابتكار، وبالتالي تسبق الآخرين بخطوة أو أكثر. وهناك محبطات للإبداع مثل الإجماع والإقرار، ويجب أن تتبع القوانين بحذافيرها، وبأن المشروع أو المقترح غير مجرب من قبل، وكيف ستوضع ميزانية للمشاريع الإبداعية وفق أولويات الميزانية والصرف، ولذلك يجب دائماً وضع بند في ميزانية أي مؤسسة خاص بالإبداع والابتكار، ومن جهة أخرى أكبر معوقات الإبداع هو التركيز على الإجابة الصحيحة عن سؤال أو مشكلة معينة بدلاً من محاولة إعادة تأطير المسألة في عدة طرق مختلفة من أجل المطالبة بإجابات مختلفة، وتبني الرد على أسئلة غامضة بطبيعتها في عدة طرق مختلفة، حيث في الإبداع من غير الضرورة دائماً اتباع التفكير المنطقي ومهارات التفكير النقدي، وهي أسس تعتبر من نقاط القوة الرئيسة لدينا في تقييم جدوى فكرة خلاقة، وفي نفس الوقت قد تحبط أفكار مبتكرة قد تحدث نقلة نوعية كبرى. فهناك طريقة واحدة لفك مارد التفكير الإبداعي، وهو أن ننظر إلى الإبداع على أساس أنه قوة مدمرة لا تلتزم بالقواعد بصورة حرفية، ونسأل أنفسنا «لماذا» أو «لماذا لا؟» حيث إن كسر بعض القواعد لربما يكون الطريق الوحيد لإيجاد حل لتحدٍّ استعصى على الجميع لفترة طويلة، وهم ملتزمون بالقواعد والمنطق العقلي في العمل، ولكنهم لم يسمحوا لأنفسهم حتى للحظات أن يشكوا في مدى مصداقية القواعد، أو لربما أن هناك أمراً ما ناقصاً في المعادلة الكلية برمتها، فاسمح ببساطة لخيالك ليذهب حيث شاء، والتفكير في الحلول من خلال السماح لعقلك ليكون في وضعية اللعب أو عدم الجدية، فالجدية في العمل لا يضرها بعض المرح المجنون للوصول لحلول قد تبدو مجنونة ولكنها فعالة. فلا تشغل عقلك بأنك لست صاحب التخصص ولن تجد حلاً، ويجب تجنب الغموض وعدم اليقين، فقد تمنحك المواجهة مع المجهول بعقلك ميزة طالماً، أنك مؤمن أن الغموض لا بد وأن يقف خلفه وضوح تام، وكل ما في الأمر أننا نحتاج للوصول لما خلف الغموض، وألا نخاف أن نخطئ ونفشل، ولذلك لا بد من الاستمرار في المحاولة والتجربة والتعلم من أخطائنا، وألا نهتم بما سيقوله عنا الآخرون، ولا بنقدهم، فمجرد ما أن تنجح سيصبح الجميع يتمنى صداقتك لسبب أو لآخر.