تولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً بالتعليم التكنولوجي، والعمل على إعداد قاعدة من الكوادر المواطنة، تمتلك المهارات التكنولوجية الحديثة وتوظيفها في المجالات التنموية المختلفة، ولأجل هذا فإن الاستثمار في هذه النوعية من التعليم باتت تمثل أولوية ضمن جهود تطوير منظومة التعليم والارتقاء بها إلى المعايير العالمية، وهذا ما أشار إليه بوضوح معالي حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، خلال مشاركته في المؤتمر العربي الخامس للروبوت والذكاء الصناعي مؤخراً، حيث كشف عن قيام وزارة التربية والتعليم منذ عامين بتطبيق مناهج ومنظومة تعليمية تعتمد الذكاء الصناعي والروبوتات، لمواكبة التطور السريع للعلم واللحاق بالدول المتقدمة في هذا الشأن، كما تعتزم العام المقبل، إجراء المزيد من التطوير وتعديل المناهج بما يتناسب مع المستجدات العلمية الجديدة والتي تتسارع بشكل غير مسبوق. لقد أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ وقت مبكر أهمية التعليم التكنولوجي، وعملت على تأسيس منظومة تعليمية متطورة في هذا الشأن، وكانت البداية عام 2005 بإنشاء معهد التكنولوجيا التطبيقية، الذي تقوم رؤيته على نظام تعليمي تكنولوجي مصمم بحسب المعايير العالمية لتنمية الاقتصاد المعرفي، وتوفير الكوادر الوطنية من علماء ومهندسين وفنيّين استجابة لمتطلبات التنمية الاقتصادية. وفي عام 2007 تم تأسيس جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث، التي تستهدف تحقيق التميز في الابتكار في مجالات العلوم والتكنولوجيا المختلفة، وإعداد الكوادر المؤهلة علمياً وعملياً وتدريبها في جوانب العلوم والمعرفة كافة، من خلال تنظيم البحوث الأكاديمية والتطبيقية وتنفيذها في المجالات ذات الأهمية العلمية والاستراتيجية، وتشجيع ثقافة الابتكار وريادة الأعمال ومشروعاتها. وفي عام 2010 تم إنشاء «أبوظبي بوليتكنك»، لتتوافق مخرجاتها مع متطلبات سوق العمل، ولتوفير الكوادر الإماراتية المؤهلة والمرخصة للعمل في القطاعات التي تعتمد بشكل رئيس على التكنولوجيا المتقدمة، كالطاقة النووية السلمية، والهندسة النووية، وأمن المعلومات، وهندسة الطائرات. وهناك توجه مستمر لتطوير المناهج التعليمية في هذه المؤسسات كي تواكب مستجدات الثورة التكنولوجية في العالم. تدرك دولة الإمارات أنها في سباق مع الزمن، وأن سعيها إلى تعزيز تنافسيتها وريادتها على الصعيد الدولي في كافة المجالات يتطلب منها امتلاك الأدوات التي تؤهلها لذلك، وفي مقدمتها التعليم التكنولوجي، كي تواكب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة من ناحية، وتكون قادرة على بناء اقتصاد وطني مستدام من ناحية ثانية للانتقال بأمان إلى مرحلة ما بعد عصر النفط، ولأجل هذا فإنها تستثمر في التعليم التكنولوجي، وتعمل على إعداد أجيال المستقبل التي تمتلك المهارات المعرفية والتكنولوجية الحديثة، وهذا ما أكدته بوضوح «مئوية الإمارات 2071» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتركز على الاستثمار في التعليم التكنولوجي، وبناء منظومة قيم أخلاقية إماراتية في أجيال المستقبل، من خلال تخصيص الموارد وتوجيه الإمكانات للاستثمار في نظام تعليمي يمكنها من تطوير مواهب الأجيال وبناء قدراتها لخدمة الوطن، ويغرس مهارات القرن الثاني والعشرين فيها، ويسلحها بعلوم المستقبل المتقدّمة، ويتبنى أفضل وسائل الذكاء الصناعي والتكنولوجيا، ليؤسس لعقول منفتحة على العالم وعلماء، ويؤهل باحثين إماراتيين يرفدون مستقبل الدولة. إن استثمار الإمارات في التعليم بوجه عام، والتكنولوجي منه بوجه خاص، ينطوي على مردود نوعي كبير في أكثر من جانب، أولها مواكبة متطلبات حكومات المستقبل، والارتقاء بمستوى الخدمات الحكومية، والاستفادة من التكنولوجيا والخدمات الذكية، لإسعاد المواطنين وتلبية احتياجاتهم في وقت قياسي. ثانيها توطين التكنولوجيا المتقدمة وإيجاد كوادر مواطنة تكون قادرة على الاستفادة من الابتكارات العلمية والتكنولوجية، باعتبار أن عملية نقل التكنولوجيا وتوطينها لا يمكن أن تتم إلا في وجود كوادر مواطنة قادرة على التعامل مع التكنولوجيا الجديدة. ثالثها مواكبة متطلبات اقتصاد المعرفة، ودعم القطاعات التي تعتمد بشكل رئيس على المكون المعرفي والتكنولوجي بالأساس، كالطاقة النووية والطاقة المتجددة وصناعة الطائرات، بما يحقق «رؤية الإمارات 2021» التي تستهدف بناء اقتصاد معرفي تقوده كفاءات إماراتية ماهرة قادرة على تطويع التكنولوجيا لخدمة التنمية الشاملة والمستدامة. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية