تتبنى معظم الدول استراتيجيات التنمية لديها لفترات تتراوح ما بين 3 و20 سنة، إلا أن دولة الإمارات العربية المتحدة قررت أن تتميز عن كل تلك الدول بالإعلان عن استراتيجية تنتهي بالاحتفال بمرور مئة عام على إنشاء الدولة وذلك في عام 2071. وقد يبدو الأمر غريباً للعديد من الدول أو الأشخاص، لكنه ليس كذلك لمن راقب تطور مسيرة الإمارات في السنوات القليلة الماضية. فالملاحظ أن حكومة الدولة قد عمدت إلى تطبيق منهاج عملي وعلمي وتدريجي في تبني خطط استراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، مما أتاح الفرصة لتحقيق العديد من الأهداف الحيوية. الأول هو نشر الوعي بأهمية التخطيط الاستراتيجي بين الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، والثاني هو تدريب المواطنين وصقل مهاراتهم في مجالات الاستراتيجية والتخطيط وتحليل المعلومات بما يخدم الخطط الموضوعة. والهدف الثالث هو إثبات قدرة دولة لم تمض على تأسيسها خمسة عقود أنها قادرة على رسم مسارها لمدة عشرة عقود، والرابع هو تسخير وتطوير مقدرات الدولة لخدمة آليات عمل وأهداف المئوية. وتمضي قيادة الدولة قدماً نحو تحقيق الأهداف المرجوة من «مئوية الإمارات»، بما يضمن للدولة ليس فقط موقع القيادة، بل الريادة في القيادة أيضاً، وذلك لأنه قد تحقق الصدارة ثم تتنازل عنها لغيرك، ولكن من الصعب أن تحقق الريادة أثناء مسيرة التصدر، مما يجعل الآخرين يتطلعون لك بإعجاب وانبهار حيث تترك بصمتك في كل خطوة تخطوها وكل إنجاز تحققه. ومن تعريفات القيادة «القدرة على التَّأثير في السلوك البشري بغية توجيه جماعة من الناس نحو هدف مشترك». ومن تعاريف الريادة «امتلاك الإرادة الحرة الحازمة القادرة على تحويل الأفكار إلى مشروعات تصنع واقعاً جديداً في البناء والتنمية يقدر على مواجهة التحديات وتجاوزها، والتمكن من صناعة الأحداث، وفرض الرأي والرؤية». ودولة الإمارات، من خلال الإعلان عن استراتيجيتها حتى عام 2071، تطمح إلى صناعة التاريخ بفرض رؤيتها لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والتي جاءت واضحة ودقيقة. ومن أبرز هذه الأهداف: دولة الإمارات العربية المتحدة ستعمل لتكون أفضل دولة وأفضل حكومة في العالم من خلال بناء أفضل نظام تعليمي وأفضل اقتصاد وتحويل مجتمع الدولة ليكون الأسعد عالمياً. والبداية بإطلاق أربع استراتيجيات وطنية في مجالات القوة الناعمة والثورة الصناعية الرابعة والتعليم العالي والأمن المائي وبرنامج عمل لـ«رؤية الإمارات 2071»، إلى جانب إطلاق 120 مبادرة وطنية في أكثر من 30 قطاعاً تنموياً في الدولة. وباكورة مشاريع «مئوية الإمارات» جاءت لترسيخ رؤية الدولة ليكون لها قصب السبق بين دول المنطقة والشرق الأوسط ومعظم دول العالم من خلال مشروع «الذكاء الاصطناعي» الذي يمثل «الموجة الجديدة، بعد الحكومة الذكية التي ستعتمد عليها خدمات الإمارات وقطاعاتها وبنيتها التحتية المستقبلية». لذلك فقد قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتعيين وزير مسؤول عن «الذكاء الاصطناعي» في التعديل الوزاري الأخير، مما يؤكد أن حكومة الإمارات لا تعلن عن مشاريع على الورق، بل تقوم بتحفيز مواطنيها لترجمة تلك المشاريع إلى واقع ملموس. واللافت للنظر أن تحقيق مشروع الذكاء الاصطناعي لن يعود بالفائدة على القطاعات الحكومية فقط، بل سيكون محركاً رئيسياً للارتقاء بالأداء أيضاً في القطاع الخاص والذي سيجد نفسه مضطراً لتطوير خدماته وبنيته التحتية لكي تتوافق مع مثيلتها في القطاع الحكومي. وبالتالي فإن كل المشاريع والمبادرات التي ستطلقها الحكومة لصالح القطاع العام سوف تطلق شرارة التطوير والتنمية أيضاً في القطاع الخاص، مما‏? ?سيعود? ?بالفائدة? ?على? ?المجتمع? ?ويضعه? ?في? ?مقدمة? ?مجتمعات ?العالم.?