«جمهورية كتالونيا» وُلدت - ميتة.. وتحديات ما بعد هزيمة «داعش» حسن ولد المختار لوفيغارو نشرت صحيفة لوفيغارو ضمن تغطيتها الموسعة للأزمة الكتالونية تقريراً عن قرار الحكومة الإسبانية تولي مقاليد الأمور في الإقليم رداً على تمادي دعاة الانفصال في تمردهم وإعلانهم أول من أمس، الجمعة، من جانب واحد ما سموه «الاستقلال»، وهو ما يجعل إسبانيا ترتمي الآن في أتون أزمة تاريخية لا عهد لها بمثلها منذ عقود. وفي سياق الرد الحازم والمدروس من قبل حكومة ماريانو راخوي على هذا التدبير أعلنت عن تنظيم انتخابات مبكرة في الإقليم سيتم إجراؤها في 21 ديسمبر المقبل، وهي انتخابات من شأنها سحب البساط من تحت استفتاء 1 أكتوبر الجاري، غير المعترف به، الذي نظمته الحكومة المحلية الانفصالية، واعتبرته الحكومة المركزية لاغياً وغير شرعي، بناء على أحكام القضاء. والآن مع الدعوة إلى انتخابات مبكرة في الإقليم تكون الكرة قد صارت في مرمى الناخبين الكتالونيين لكي يتولوا هم أنفسهم مهمة إسماع أصواتهم، واختيار الحكومة التي تعبر عن تطلعاتهم الحقيقية. كما أن هذه أيضاً فرصة للاستجابة بطريقة قانونية ودستورية للتحدي الانفصالي في كتالونيا، تستطيع الحكومة المركزية بها تحييد أي دور أو حضور للحكومة المحلية المعزولة، ومن ورائها التيار القومي الكتالوني المتشدد. وضمان أساس سياسي وقانوني سلمي أكثر صلابة لاستمرار وحدة البلاد؛ لأن جنوح القوميين الكتالونيين المتطرف نحو الانفصال، لو لم يواجَه بطريقة فعالة، فقد يؤجج نزعات انفصالية في مناطق أخرى من المملكة الإسبانية، ومن ورائها في عموم القارة الأوروبية كلها. وهذا ما يفسر المواقف الحازمة أيضاً لدى دول الاتحاد في دعم الحكومة الإسبانية، وتأكيد الوقوف معها في فرض الشرعية والوحدة الوطنية، دون قيد أو شرط. بل إن بعض كبار مسؤولي المفوضية الأوروبية ذهبوا أبعد من ذلك ملمحين إلى أن انفصال كتالونيا لو ترك يمر، فمن شأنه أن يفكك كثيراً من الدول الوطنية الأخرى في القارة، ويحرمها من أية تعددية قومية أو إقليمية داخلية، وسيستمر الحبل على الجرار في التفكيك والتفتيت وظهور كيانات صغيرة جديدة أخرى إلى ما لا نهاية، ليتأدى الأمر، في النهاية، بعدد أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى 95 عضواً، بدلاً من 27 فقط حالياً. وبهذه الطريقة، تفضل الدول الأوروبية ترك الانفصاليين الكتالونيين يواجهون الحقيقة في النهاية، ويستخلصون الحصاد المر لجنوحهم للانفصال بإعلان «الاستقلال»، حيث لم تعترف بـ«دولتهم» الجديدة أية دولة أوروبية، ولا أية دولة أخرى في بقية العالم. كما أن الثمن السياسي والاقتصادي الباهظ الذي ترتب على مغامرتهم سيجعلهم أيضاً يدفعون ثمنها غالياً. وقد بدأت التدابير القانونية لمحاكمة رئيس الحكومة المحلية بتهمة التمرد، هذا فضلاً عن كثير من البرلمانيين والساسة القوميين الانفصاليين الآخرين. ومن ثم، فإن النتيجة الوحيدة المحتملة لإعلان الانفصال هي فائض خسائر لدعاته، على المستويين الشخصي والسياسي، في النهاية. لوموند وفي سياق متصل أيضاً بالأزمة الكتالونية، نشرت صحيفة لوموند يوم أمس، السبت، افتتاحية بعنوان: «كتالونيا: مكان للديمقراطية»، أشادت فيها بقرار الحكومة الإسبانية في مدريد، أول من أمس الجمعة، الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، بعد حل الحكومة المحلية الانفصالية وعزل رئيسها «كارليس بويجديمون» من منصبه، وتولي الحكومة المركزية مقاليد الأمور في الإقليم، وهو ما يجعل الديمقراطية هي صاحبة الكلمة العليا في إيجاد مخرج سياسي ودستوري من الأزمة. وذلك أن استشارة الناخبين الكتالونيين في الانتخابات المبكرة، المقررة في 21 ديسمبر المقبل، هي التي ستتيح للجميع التعبير عن موقفهم، على عكس استفتاء الحكومة الانفصالية الذي نظم مطلع الشهر الجاري، وقد قاطعته أغلبية سكان الإقليم، وكانت نسبة المشاركة فيه منخفضة للغاية، فضلاً عن عدم دستوريته أصلاً، وما اكتنفه من تدابير صارمة جرّت على مدريد أيضاً انتقادات واسعة. واعتبرت لوموند أن «جمهورية كتالونيا» التي أعلن عنها مساء أول من أمس الجمعة من طرف برلمان محلي غابت عنه غالبية أعضائه، ما هي في الحقيقة سوى ضرب من الخيال، لا أكثر. وبكل المقاييس السياسية والواقعية، فإن هذه «الجمهورية» المزعومة، المعلنة من طرف واحد، قد ولدت ميتة، ولم تعش سوى ساعات محدودة، حيث انتزعت منها حكومة رئيس الوزراء راخوي زمام المبادرة، ونزعت عن القوى السياسية التي أعلنتها أية صفة سياسية أو قانونية، كما قررت أيضاً تنظيم انتخابات يتوقع أن تتمخض عن ظهور قوى سياسية بديلة تكون هي صاحبة الكلمة العليا في الإقليم. وفوق هذا فسياسة الهروب إلى الأمام التي قرر الانفصاليون الكتالونيون انتهاجها في إعلانهم عن «الاستقلال» محكوم عليها هي أيضاً بالفشل، لكونها قراراً مرتجلاً وغير محسوب العواقب، وأقله أن التداعيات الاقتصادية أكثر من قدرتهم على التحمل، حيث إن القلق من تداعيات الأزمة دفع 1700 شركة للنزوح عن الإقليم في فترة شهر واحد، وقد يكون الآتي أطم وأعظم بكثير، إن تفاقمت الأزمة بشكل أكثر دراماتيكية في المستقبل. صحيح أن عدم جنوح الكتالونيين للعنف حتى الآن يستحق الإشادة، وكذلك إدارة الحكومة الإسبانية للأزمة بمنطق القانون وروح القيم الديمقراطية، إلا أن أي تصعيد في الاستقطاب يمكن أيضاً أن ينزلق بالأزمة في مخاضات غير مرغوبة. ومن هنا، فإن الاحتكام إلى الديمقراطية هو الحل، والدعوة لانتخابات 21 ديسمبر تتيح مخرجاً من دوامة صراع لي الأذرع وفرض الإرادات ومعركة كسر العظم، التي لا تفيد كتالونيا ولا إسبانيا بشكل عام. ليبراسيون نشرت صحيفة ليبراسيون مقال رأي عما بعد هزيمة تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، والهواجس الذي يثيرها تفرق مقاتلي التنظيم، وكذلك مآلات كثير من الأسر والأفراد الذين كانت لهم صلة به من غير المقاتلين. وفي هذا السياق، استعرضت الصحيفة بعض ما نشرته الصحافة الدولية، ومراكز دراسات أوروبية، حول المآلات الممكنة لعناصر التنظيم الإرهابي بعد انقراض ما كان يسميه «دولته» وخاصة بعد تحرير مدينة الموصل في العراق، ومدينة الرقة في سوريا التي كان «داعش» يعتبرها «عاصمة» له. وفي التفاصيل قالت الصحيفة إن أسر عناصر «داعش» وبعض المرتبطين به في المناطق التي حررت بشمال العراق، مثل بلدة الحويجة، فضلوا الذهاب إلى البشمركة الأكراد بدلاً من مليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية، كما أن كثيراً من المنخرطين والمتورطين في التعامل مع التنظيم خلال فترة سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسوريا معاً أخذوا يبحثون الآن عن أية طريقة للهروب والتسلل، كما اعتقل منهم كثيرون أيضاً. ونقلت الصحيفة عن مصادر في مناطق الصراع سعي المقاتلين المحليين من التنظيم للتخفي وسط المدنيين العزل والهروب من القتال بعدما أقسموا الأيمان المغلظة على القتال حتى الموت، في حين يواصل المقاتلون الأجانب القتال، حيث لم يسجل توقيف أي منهم حتى الآن باستثناء حالات قليلة. وعن المستقبل، رجح باحثون أوروبيون أن يسعى بعض هؤلاء المقاتلين الأجانب بعد اكتمال الهزيمة للهروب إلى بلدانهم أو أية ساحات صراع أخرى قد يجدون فرصة للتسلل إليها. وهذا ما يجعل خطر عدوتهم إلى بدلانهم تحدياً أمنياً محتملاً بالنسبة لها، وهو ما وهو ما يفرض ضرورة أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر. إعداد: حسن ولد المختار