تولي إمارة أبوظبي اهتماماً استثنائياً بالاستثمار في مشروعات البنية التحتية، باعتبارها القاطرة التي تقود مسيرة النمو والتطور في باقي القطاعات المختلفة، وقد قطعت شوطاً متقدماً على درب توفير بنية تحتية متطورة، وباتت تمتلك شبكات متطورة من الطرق وأنظمة النقل والاتصالات تضاهي نظيراتها في دول العالم المتقدمة. ولعل الأمر اللافت للنظر في هذا الشأن، أن هناك العشرات من مشروعات البنية التحتية يجري تنفيذها الآن في مختلف المدن بالإمارة، لمواكبة حركة التطور المتسارعة التي تشهدها في المجالات الأخرى، ولعل أحدث هذه المشروعات تتمثل في الخطة الخمسية التي أعلنتها بلدية مدينة أبوظبي مؤخراً، والتي تستهدف تطوير المدن الجديدة، ممثلة بمدينة محمد بن زايد، ومدينة خليفة، ومدينة شخبوط، وتشتمل الخطة مشاريع قائمة ومستقبلية للطرق والبنية التحتية تنفذ بين بلدية مدينة أبوظبي وشركة أبوظبي للخدمات العامة "مساندة" وفقاً لأولويات تنفيذ المشاريع لمراحل البنية التحتية. وتكمن أهمية هذه الخطة في كونها لا تستهدف تطوير البنية التحتية بهذه المدن فقط، وإنما أيضاً توفير ما يلزم في عملية بناء متطلبات المدن، وتلبية احتياجات التمدد والانتشار السكاني والمجتمع عموماً والارتقاء بمظهر المدينة والمناطق التابعة لها، بما يحقق تعزيز استدامة البنية التحتية، كي تدعم بالفعل خطط ومشروعات التنمية المختلفة بها. تمتلك أبوظبي بنية تحتية قوية في مختلف القطاعات، جعلتها في مقدمة مدن العالم فيما يتعلق بمستوى هذه البنية التي ترقى إلى المعايير العالمية، أو فيما يتعلق بحجم الاستثمارات في تطويرها بشكل متواصل، وخاصة أن تنفيذ مشروعات البنية التحتية بات يعتمد بشكل رئيسي على استخدام التقنيات الحديثة والمتطورة، التي تتضمن استبدال الأنظمة التقليدية بأنظمة ذكية، كأنظمة الإضاءة والتوصيلات الذكية لخدمة الري، واستخدام الإسفلت، وأحجار الأرصفة التي يعاد تدويرها، للإسهام في الحفاظ على البيئة. ويعتبر تطوير البنية التحتية والمحافظة على البيئة أحد المحاور الرئيسية لرؤية "أبوظبي 2030"، التي تستهدف العمل على تطوير بيئة عمرانية في مدن الإمارة تخضع تصاميمها وإدارتها لأرقى المعايير العالمية، مع تعزيزها بنظام ذي مقاييس عالمية للمرور والنقل، كما يعتبر التطوير المتزامن لمختلف مناطق الإمارة، بحيث تضاهي التطور الذي تشهده مدنها، إحدى أولويات السياسة العامة، وذلك من أجل تحقيق توزيع للأنشطة الاقتصادية تعود فوائده على عموم الإمارة. إن استثمار أبوظبي في مشروعات البنية التحتية ينطلق من اعتبارات عدة: أولها، أنها أحد متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة التي ترتكز على التوسع الأفقي والنوعي، فضلاً عن أن وجود بنية تحتية قوية من شأنه جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، فلا يخفى على أحد أن التطور الذي شهدته البنية التحتية في أبوظبي خلال الأعوام الماضية في قطاعات المواصلات والاتصالات والطاقة والصحة والتعليم ساهم في تعزيز مسيرة النمو والتطور التي شهدتها الإمارة في مختلف المجالات، كما أن وجود بنية تحتية متطورة يعتبر أحد متطلبات تحقيق الأهداف الاقتصادية الطموحة لرؤية "أبوظبي 2030" التي تستهدف تنويع اقتصاد الإمارة وتحقيق زيادة ملحوظة في نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في إجمالي الناتج المحلي للإمارة بحلول عام 2030، وبناء اقتصاد مستدام وتوازن التنمية الاجتماعية، بحيث تعود فوائد النمو الاقتصادي على جميع سكان الإمارة. ثانيها، أن التوسع في مشروعات البنية التحتية، بات ضرورة لمواكبة حركة التطور العمراني والسكاني السريع الذي تشهده أبوظبي، فوفقاً لرؤية "أبوظبي 2030"، فإن البنية التحتية، بما فيها مرافق الطاقة والنقل وتقنية المعلومات والاتصالات، تعتبر من أهم المجالات التي تستلزم استثماراً متواصلاً فيها لكي تلبي متطلبات النمو السكاني. ثالثها، أن وجود بنية تحتية متطورة يضمن مستوى متقدم من الخدمات الاجتماعية للمواطنين في مختلف المجالات: التعليم، والرعاية الصحية، والاتصالات والمواصلات، وبالشكل الذي يسهم في توفير البيئة المناسبة لهم للعمل والعطاء والإنجاز، وهو الهدف الذي تحرص عليه القيادة الرشيدة، من منطلق إيمانها بأن البشر هم أغلى ثروة لهذا الوطن، يجب تنميتها والاستثمار فيها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية