غردت الألمانية باهار أصلان على تويتر في الأيام القليلة الماضية متهمة السلطات الألمانية بالتقاعس عن التحقيق في عملية قتل من المحتمل أن أفراد الشرطة ارتكبوها بدافع الخوف من الأجانب. وبرغم أن حرية التعبير يكفلها الدستور الألماني، لكن تغريداتها اختفت سريعاً وأرسلت لها تويتر رسالة أبلغتها فيها أنها انتهكت قانون جريمة الكراهية في ألمانيا. وعبرت أصلان ومئات من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عن انتقادات ومخاوف من الرقابة التي يفرضها قانون جديد مثير للجدل يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي تم تطبيقه في الأول من يناير. ووُضع القانون في بداية الأمر لمحاربة جرائم الكراهية على الإنترنت وتطور سريعاً ليصبح مثالاً بارزاً على قانون سليم النوايا، لكنه ضل السبيل، بحسب قول المنتقدين. لكن الحكومة الألمانية ما زالت تدافع عنه باعتباره واحداً من أكثر الخطوات تقدمية في العالم لمكافحة صعود جرائم الكراهية على الإنترنت، التي تتضمن تشويه السمعة والتهديدات اللفظية. وفي لب التوترات بين «فيسبوك» و«تويتر» والحكومة الألمانية تكمن خلافات جوهرية عن دور شبكات التواصل الاجتماعي في المشاع العام. وبينما تجادل ألمانيا أن شبكات التواصل الاجتماعي تمثل شركات خاصة ويجب أن تكون مسؤولة عن إزالة التعليقات غير القانونية من منابرها بنفسها تعتبر «فيسبوك» و«تويتر» نفسيهما منابر عامة. ويخشى المستخدمون من أن الحكومة الألمانية تضع بهذه الطريقة سلطة تطبيق القانون على الإنترنت فعلياً في أيدي شركات غير مؤهلة لتقنين التعبير عن الرأي. ويرى «جيرد بيلين» وكيل وزارة العدل وحماية المستهلك الألمانية أن «شبكات التواصل الاجتماعي ليست منظمات خيرية تكفل حرية التعبير في بنود تقديم الخدمة» بل يتعين عليها الالتزام بالقانون الألماني وليس فقط بقواعدها. ومضى بيلين يقول «لا يمكننا ببساطة أن نقبل أن تؤثر الأنباء الزائفة غير القانونية على انتخاباتنا الديمقراطية أو أن تسمم جرائم الكراهية (على الإنترنت) الخطاب العام». ويجبر القانون شبكات التواصل الاجتماعي على حجب تعليقات أو تدوينات معينة من المستخدمين في البلاد إذا اعتبرت غير قانونية أو مهينة ويتم إبلاغ المستخدمين بها. وتواجه شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وانستجرام غرامات إذا تقاعست بشكل منهجي عن الالتزام في موعد نهائي مدته 24 ساعة في أكثر الحالات إلحاحاً. وتم طرح القانون في غمرة تصاعد في الآونة الأخيرة لخطاب الكراهية في السنوات الثلاث الماضية وشكاوى من السلطات تفيد بأن تزايد القضايا أصبح من الصعب التقاضي فيها. والتدوينات التي تزيلها حالياً تويتر وفيسبوك وشبكات التواصل الاجتماعي الأخرى بموجب التشريع الجديد ما زالت متوافرة في بلدان أخرى لكنها محجوبة في ألمانيا. لكنّ المنتقدين يخشون ألا يقتصر ما تزيله شبكات التواصل الاجتماعي على التدوينات التي تتضمن خطاب كراهية مثل التهديدات بالقتل أو تشويه السمعة. ويعتقد معارضو القانون أن شبكات التواصل الاجتماعي التي يطالها القانون أصبح بوسعها أن تزيل تدوينات أكثر من الضروري مخافة التعرض لغرامات أو تفادي التشريع. وأنكرت تويتر وفيسبوك هذه الاتهامات لكنها لم تعلق على حالات بعينها. وأكد متحدث باسم فيسبوك أن الشركة «لا تتبع استراتيجية إزالة أكثر من اللازم». لكن شبكات التواصل الاجتماعي التي يُطبق عليها القانون الجديد تعترف أيضاً أن الموعد النهائي الذي مدته 24 ساعة يجبر فريقها القانوني على اتخاذ قرارات سريعة. وفيما يتعلق بتويتر، حاصر الخصوم السياسيون بعضهم بعضاً بطلبات إزالة تدوينات منذ الأول من يناير، مما وضع عبئاً أكبر على شبكات التواصل الاجتماعي. وتجادل ألمانيا أن الخطوة جاءت متأخرة لأن شبكات التواصل الاجتماعي تقاعست عن إزالة المحتوى غير القانوني. وأقرت شبكات التواصل الاجتماعي البارزة مثل "فيسبوك" و"تويتر" جزئياً ببعض الفشل لكنها أكدت أنها صعدت طوعاً جهود التصدي لجرائم الكراهية على الإنترنت. لكنّ المستخدمين يعتقدون أن القانون يظلمهم وليس أمامهم طريقة سهلة للطعن في قرار يزيل تدويناتهم ما لم يختاروا اللجوء إلى القضاء. واقترحت الحكومة الألمانية أن تقيم شبكات التواصل الاجتماعي هيئات ذاتية التنظيم تتولى أمر الشكاوى بشأن المحتوى الذي تم إزالته. ولم تحظ هذه الفكرة حتى الآن إلا بتأييد قليل من طرف كل من "فيسبوك" و"تويتر"، اللتين تجادلان بأن من مسؤولية الحكومة أن تضع هذه الآليات. وقالت أصلان «أشعر أن هناك الكثير من عدم الاتفاق بين شبكات التواصل الاجتماعي والسياسة الألمانية بشأن حدود حرية التعبير». ونشرت "أصلان" صورة لرد "تويتر"، بعد عدم قدرتها على الاحتجاج على قرار تويتر لإزالة انتقادها للسلطات الألمانية. وكتبت أصلان تقول «تويتر منعت أو أخفت هذا المحتوى في ألمانيا ولا يمكنني تفسير السبب». ريك نواك: صحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"