رغم حقيقة أن الرئيس الأميركي لم يمض عليه سوى عام داخل البيت الأبيض فإنه يتعرض لهجوم قوي من الصحافة والإعلام ووسائل الاتصال الجماهيري بعد صدور كتاب «نار وغضب» (Fire and Fury) للكاتب الأميركي مايكل سدولف. وقد وصف الكاتب في كتابه الرئيس ترامب بأنه «غير مؤهل» لتولي منصب الرئاسة، لأنه لا يحب القراءة أبداً. وقد أيد بعض أعضاء الكونجرس الأميركي من الحزب «الجمهوري» هذا الكلام، حيث وصف السيناتور الأميركي جون ماكين الرئيس بأنه «غير مطلع». صحيفة «الجارديان» البريطانية كشفت بأن أطباء نفسيون أميركان وخبراء في مجال الصحة النفسية ذكروا أن السمات المحددة للعنف تشمل الاندفاع والتهور وجنون العظمة ورؤية فضفاضة للواقع وسوء تقدير للعواقب وردود أفعال غاضبة وانعدام التعاطف والعدوانية تجاه الآخرين والحاجة المستمرة إلى إظهار السلطة والأمثلة على ذلك كثيرة. وهناك من يتساءل: هل يعقل أن يصف رئيس دولة عظمى نفسه بأنه عبقري وأن أكبر نعمتين في حياته هما: رجاحة العقل وشدة الذكاء؟! لا ينكر أحد أن شخصية الرئيس ترامب شخصية جدلية، لكن هذه الشخصية الغريبة استطاعت هزيمة قادة الحزب «الجمهوري» كلهم مع أنه لم يمارس العمل السياسي طوال حياته، ولم يخدم في أي وظيفة حكومية. السؤال كيف استطاع الرئيس ترامب كسب الشارع والفوز في الانتخابات باكتساح كبير. نتصور أن قوة ترامب الحقيقية تكمن في مقدرته الكبيرة على مخاطبة رجل الشارع البسيط باللغة العفوية والطبيعية وغير الدبلوماسية التي يفهمها عامة الناس ويريدون سماعها، وهي أن الشعب الأميركي أفضل شعب، وأن الدولة الأميركية أعظم دولة، وتوجيه رسالة مفادها أنه يريد الحفاظ على مصالح الشعب، ورفع شأن الأمة الأميركية ضد من يتربص ويتآمر ضدها. القرارات الصادمة هي أسلوب الرئيس في طرح قضاياه، فهو لم يعمل بالسياسة من قبل، ولم يتعود على العمل السياسي، ولم يعمل في القطاع الحكومي قبل دخوله البيت الأبيض. ماذا في سياسة الرئيس ترامب تجاه دول الخليج بعد مرور عام واحد من حكمه؟ لقد وعد ترامب خلال حملته الانتخابية باتخاذ قرارات معينة في الشرق الأوسط ومنها محاربة الإرهاب وطرد «داعش» من المنطقة. كما أكد لشعبه بأنه سيجعل دول الخليج تدفع الأموال الكثيرة، لأن الولايات المتحدة ملتزمة بحماية بلدانهم. لقد حقق الرئيس أهدافه بدعم الولايات المتحدة القوي لدول التحالف في محاربتهم للإرهاب في كل من العراق وسوريا، حيث تم تحرير الموصل وطرد الإرهابيين من العراق، واليوم يلاحقون الإرهاب في سوريا ويحاصر «حزب الله» اللبناني وحزب تنظيم «القاعدة» في اليمن. أما ما يخص العلاقة مع إيران، فقد نفذ الرئيس وعوده بمحاصرة إيران وإعادة فرض الحصار الاقتصادي عليها، ووعد بضرب الصواريخ الإيرانية، إذا لم تلتزم إيران بالاتفاقيات التي وقعتها مع واشنطن.. أعلن الرئيس وقوفه مع دول الخليج ضد أي اعتداءات خارجية، واستطاع الحصول على صفقات أسلحة مع الدول الخليجية بمليارات الدولارات. الإشكالية التي ستواجه الرئيس ترامب بالمنطقة هو موقفه من إسرائيل ودعمه القوي لها خصوصاً بعد إعلانه نقل السفارة الأميركية للقدس.. هذا الموقف يحرج دول الاعتدال العربي، وقد يؤدي إلى عودة التطرف في المنطقة.