كان «روبرت بونديسكيو»، نائب رئيس العلاقات الخارجية في معهد توماس فوردهام، يعمل مدرساً للتربية المدنية، وهو كاتب رائع في قضايا التعليم. ومن أكثر المقالات التحفيزية التي كتبها مؤخراً مقال بعنوان: «هل يمكن لدورة برنامج التعيين المتقدم عن الحكومة والسياسة الأميركية أن تعيد المدارس إلى لعبة التربية المدنية؟». إنني، مثله، أشيد بدورة برنامج التعيين المتقدم المعنية بهيكل الحكومة والسياسة الأميركية، لكني أختلف مع وجهة نظره القائلة بأن هذه الدورة قد تكون «وسيلة للعودة إلى لعبة التربية المدنية بشكل جدي». يقول «بونديسكيو»، إننا «ما لم نقم بتطوير التربية المدنية، فعلينا أن نستسلم لسياستنا الوطنية المسمومة». وهو يستشهد بـ«ريك كالينبيرج»، كاتب آخر في مجال التعليم، وهو يقول إن انتخاب دونالد ترامب يمثل «لحظة سبوتنيك» بالنسبة للتربية المدنية، وهي تجبرنا على مواجهة فشلنا فيما «يراه مؤسسو الأمة باعتباره الغرض الأساسي للتعليم»، وهو إعداد الطلاب للحكم الذاتي المدروس والمختص، وفقاً لكالينبيرج. أعتقد أنهم مخطئون. إن وجود دروس أفضل للتربية المدنية لن يفيد. فالجهل بالحكومة والتاريخ الأميركي هو جزء من ثقافتنا، وكان متوسط درجاتنا في التربية المدنية دائماً منخفضاً، فهي ليست مادة محبوبة. ونادراً ما يتطرق الحديث اليومي إلى الغضب من تزوير الانتخابات. نحن أحرار في تجاهل الانتخابات، وقد تجاهلها أكثر من 40% منا عام 2016. وسنكون دائما أكثر اهتماماً بسداد فواتيرنا ،وإيجاد الوقت للمتعة أكثر من دراسة مواقف وبرامج الناخبين. وقال لي بونديسكيو وكالينبيرج، إنهما يتفقان على أن تحسين التربية المدنية لن ينقذ البلاد، لكنهما يأملان في أن تجديد الاهتمام بالحكم الناجم عن الانتخابات ربما يؤدي إلى تعليم أفضل، وتحسين صورة الديمقراطية. وقد أعرب كلاهما عن انزعاجه بسبب استطلاع يوضح أن نسبة الشباب الأميركي الذين يقولون إن الديمقراطية هي نظام سيئ قفزت من 16% في 1995 إلى 24% في 2011. ويشير التاريخ إلى أنه حتى أفضل تعليم لن يؤدي إلى إصلاح ذلك. فالكثير من الأميركيين لديهم انطباع بأن المدارس كانت تدرس العلوم الاجتماعية أفضل من الآن، لكن الأمر ليس كذلك، ووفقاً لاختبار أجري عام 1917 في تاريخ الولايات المتحدة وشمل 1500 طالب في تكساس، كانت نسبة الإجابات الصحيحة لطلاب المدارس الثانوية 33%، بينما بلغت 49% لطلاب الجامعات. وفي عام 1943، لم يتمكن سوى 6% فقط من عينة شملت 7000 من طلاب الجامعات الجدد من ذكر أسماء 13 مستعمرة، ولم يعرف سوى 13% فقط أن «جيمس ماديسون» كان رئيساً خلال حرب 1812. وفي عام 1976، أجاب ألفان من طلاب الجامعة الجدد على نصف الأسئلة متعددة الخيارات وعددها 42 سؤالاً فقط. فإذا كان جهلنا هو السبب جزئياً في نتائج انتخابات 2016، فماذا بالضبط كان يتعين علينا تعلمه لكيلا ننتخب ترامب؟ إن التصويت في أميركا هو عملية شخصية جداً. فهي تجبرنا على التفكير كأفراد ليس فقط فيما تعلمناه في المدرسة، بل أيضا في مشاعرنا حيال المرشحين. وكما يلاحظ بونديسكيو بحكمة، لا توجد شروط مسبقة لتدريس دورة برنامج التعيين المتقدم عن الحكومة والسياسة الأميركية في مدارسنا الثانوية. وعلى المدارس أن تحث المزيد من الطلاب للحصول على هذه الدورة. جاي ماثيوز كاتب أميركي متخصص في شؤون التعليم ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»