في إطار تفعيلها لقرار مجلس الوزراء المتعلق بتعديل أوضاع المخالفين والمقيمين داخل الدولة -الذي تم الإعلان عنه مؤخراً- شرعت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية في استقبال مخالفي قانون دخول وإقامة الأجانب في الدولة، في إطار مبادرة «احمِ نفسك بتعديل وضعك» ابتداء من أول أغسطس الجاري وحتى نهاية شهر أكتوبر المقبل، وهو ما يعكس فعلياً حرص الدولة على التعامل بشكل إيجابي مع كل الحالات التي لم يتسنَّ لأصحابها الاستجابة للقوانين المعمول بها داخل الدولة. ولذا فإنه من مميزات المبادرة الجديدة تغليبها للجانب الإنساني على حساب الصرامة في تطبيق القوانين، وذلك بإعفاء المخالفين من الغرامات والتبعات القانونية التي ترتبت على مخالفتهم، بشرط عدم تسجيلهم أي قضايا جنائية، وبالتالي تمكينهم من تعديل أوضاعهم، أو مغادرة الدولة بكل سهولة ويسر.
ونظراً لانتشار مثل هذه الحالات في مختلف أرجاء الدولة، قامت أجهزة الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية بتجهيز 9 مراكز لاستقبال هؤلاء، توزعت بين منطقتي الشهامة والظفرة في إمارة أبوظبي ومركز في مدينة العين، ومنطقة العوير في دبي، إضافة إلى تجهيز مراكز أخرى في إمارات الشارقة وعجمان والفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين، بجوار مباني مراكز سعادة المتعاملين التابعة للإدارة العامة لشؤون الأجانب والمنافذ. هذا فضلاً عن إتاحة مركز لاستقبال أسئلة واستفسارات الجمهور على رقم مجاني مفتوح على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع.
وبهذه المبادرة تظل دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في اتخاذ الإجراءات التي تراعي الظروف الإنسانية والاجتماعية للمخالفين، مرسخة بذلك النهج الإنساني الذي أسس له المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وخاصة أنها تأتي في خضم النشاطات المخلدة لذكراه في مئويته. كما تؤكد المبادرة من جهة أخرى أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستظل سائرة على نهجه في عمل الخير وخدمة البشرية بما يحقق سعادتها.
وتكمن الأهمية الكبيرة لهذه المبادرة -بحسب شهادات المستفيدين- في حلها للكثير من المشكلات المتعلقة بالمخالفات والغرامات المالية الكبيرة التي جعلت بعض أصحابها عرضة للسجن أو الحرمان من السفر طوال سنوات، فيما ظل البعض الآخر يرزح تحت عامل الخوف من الترحيل خارج الدولة والحرمان من العودة من جديد.
ولا تكمن أهمية المبادرة الجديدة في ميزة الإعفاء من الغرامة فقط، وإنما تتميز -بحسب ما أكدت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية- في أنها تتيح للمستفيد الحصول على إقامة مؤقتة غير مشروطة بوجود الكفيل لمدة ستة أشهر من خلال نظام سوق العمل الافتراضي الذي يسمح للباحثين عن عمل وأصحاب العمل ووكالات التوظيف بالتفاعل فيما بينهم بإشراف وزارة الموارد البشرية والتوطين، وإبرام عقود العمل والتوظيف، كما تتيح للقادمين للزيارة أو السياحة تعديل وضعهم دون إلزامهم بدفع رسوم المغادرة الرمزية التي تقدر بـ 500 درهم.
هذا ويحمل القرار دلالة أخرى لا تقل أهمية، وذلك بكونه يخفف من الأعباء المالية المترتبة على السفارات والبعثات الدبلوماسية للدول التي يخالف رعاياها قوانين الإقامة داخل الإمارات، ولهذا طلبت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية من السفارات «تسهيل إجراءات المخالفين من رعايا بلدانها وتعجيل إنجاز معاملاتهم وتجنب تعقيدها، لكي يتمكنوا من الاستفادة من المبادرة الهادفة بالأساس إلى مراعاة ظروفهم والتخفيف عليهم وتمكينهم من تعديل أوضاعهم والعيش براحة وطمأنينة والاستفادة من الخدمات التي توفرها الدولة لمواطنيها والمقيمين على أرضها».
أما رعايا الدول التي تعاني الاضطرابات أو الكوارث والحروب، فقد تقرر منحهم بناء على قرار مجلس الوزراء إقامة لمدة عام مع إعفائهم بشكل تام من شروط الإقامة المطبقة في الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية، فضلاً عن إعفاء المخالفين منهم من الغرامات، كما تتسم الإجراءات المتعلقة بهذه الفئة بالسهولة، حيث يمكنهم الحصول على تلك الخدمات عن طريق نافذة القنوات الإلكترونية التي تقدمها الهيئة عبر مكاتب الطباعة، دون أن يكونوا في حاجة إلى مراجعة المراكز التي حددتها الهيئة للمخالفين.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية