في يوم الاثنين الماضي، أدان الرئيس ترامب علناً وزير العدل «أنتوني سيشنز» (عبر تويتر، بالطبع) لفشله في إبطال التحقيقات الجنائية لاثنين من مساعديه السياسيين، وهما نائبان جمهوريان متهمان بارتكاب جرائم خطيرة. ومن الغريب أن ما يثير الدهشة ليس أن الرئيس أدلى بهذا التصريح، بل أن لا أحد فُوجِئ بأنه صرح هكذا.
وتعد تلك التغريدة من أحدث وأجرأ تصريحات ترامب حول التحقيقات المتعلقة ببعض مسؤولي إدارته، وهو يعلم أن بإمكانه القيام بذلك من دون أن يخسر دعم الجمهوريين في الكونجرس.
لم يكن الأمر كذلك دائماً، حتى قبل عام من الآن. تذكروا أنه تم تعيين روبرت مولر، المستشار الخاص، في مايو، عقب رد فعل جماهيري حاسم على فصل جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي قيل إنه لم يقدم أي تأكيدات بشأن تقليص تحقيق روسيا، وأوقف التحقيق مع مايكل فلين، مستشار الأمن القومي السابق.
ومنذ ذلك الحين، كان ترامب يعمل على عرقلة التحقيقات التي يجريها المستشار الخاص في إطار عملية لتسييس وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي. ولم يعد خبراً أن ينتقد الرئيس –وهو السلطة التنفيذية– سمعة مكتب التحقيقات الفيدرالي أو أن يدعو وزارة العدل للتحقيق مع أعدائه السياسيين أو أن يحاول التأثير على الشهود المحتملين ضده.
لا شك أن ترامب ينظر إلى وزارة العدل باعتبارها أداة لمعاقبة أعدائه السياسيين والتغاضي عن أخطاء حلفائه.
هذا هو وضعنا الجديد، وقد أوضح الجمهوريون في الكونجرس أنهم لن يعزلوا ترامب من منصبه لأنه يعرقل العدالة. وهذا أمر مهم لأن وزارة العدل خلصت منذ فترة طويلة إلى أن أي رئيس في منصبه لا تمكن إدانته. ومن المرجح أن يتبع مولر هذا التوجيه، ويقدم تقريراً إلى الكونجرس بدلاً من إدانة الرئيس لعرقلته العدالة.
وصعب تخيل قيام 19 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ بإدانة ترامب لأنه يعرقل العدالة. وهذا بحد ذاته لا يعني أن رئاسته ستستمر حتى 2020 (أو بعدها)، بالنظر إلى مجموعة المشاكل القانونية التي يواجهها الآن.
قبل أسبوعين فقط، ذكر محامي ترامب السابق، «مايكل كوهين»، للقاضي أن ترامب أعطاه توجيهات لارتكاب مخالفات. لكن يبدو أن العرقلة هي التحدي الأول لرئاسة ترامب إذا ما ثبت أن مولر يعد تقريراً حول العرقلة.
وفي الظاهر، يبدو أن رفض مجلس الشيوخ عزل الرئيس من منصبه لعرقلة العدالة، لا يمثل شيئاً أمام المشاكل القانونية الأخرى التي يواجهها.
وبرغم خطاب ترامب وتهديداته بإعاقة تحقيق مولر، فإن تحذيرات فريقه من أن أفعاله قد تؤدي إلى مساءلته يبدو أنها قيدت الرئيس أحياناً. وعلى سبيل المثال، قيل إن ترامب لم ينفذ خططه لإقالة مولر في مواجهة الاعتراض من مستشار البيت الأبيض «دون ماكجان». ومؤخراً، قام الرئيس بإقالة ماكجان 11 يوماً بعد ظهور تقارير تفيد بأنه تعاون مع تحقيق مولر. بيد أن الرئيس تبع ذلك –ربما بسبب تحذيرات محامييه– بتغريدات قال فيها إن الفصل لم يكن عقاباً على تعاون مكجان.
وإذا رفض مجلس الشيوخ الأميركي إدانة الرئيس لقيامه بعرقلة العدالة، قد يتجاهل ترامب هذه التحذيرات مستقبلًا، وربما يعفو عن أصدقائه ويستبدل سيشنز بوزير عدل يقوم بغلق التحقيقات، ويقيل مولر ويبدأ تحقيقات مع أعداء الرئيس.
وإلى ذلك، تم إعطاء ترامب الضوء الأخضر لتقويض التحقيقات، وحتى إذا نحينا مسألة العزل جانباً، فإن الجمهور الأميركي لن يعرف الحقيقة بشأن التهديدات التي تحيط بانتخاباتنا والجرائم التي يواصل مولر التحقيق بشأنها، من بين أمور أخرى عديدة.

*مدعٍ فيدرالي سابق

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

 

ريناتو ماريوتي*

 

جمهوريو الكونجرس لن يعزلوا ترامب من منصبه، ووزارة العدل خلصت إلى أن أي رئيس في منصبه لا تمكن إدانته
----------------
في يوم الاثنين الماضي، أدان الرئيس ترامب علناً وزير العدل «أنتوني سيشنز» (عبر تويتر، بالطبع) لفشله في إبطال التحقيقات الجنائية لاثنين من مساعديه السياسيين، وهما نائبان جمهوريان متهمان بارتكاب جرائم خطيرة. ومن الغريب أن ما يثير الدهشة ليس أن الرئيس أدلى بهذا التصريح، بل أن لا أحد فُوجِئ بأنه صرح هكذا.
وتعد تلك التغريدة من أحدث وأجرأ تصريحات ترامب حول التحقيقات المتعلقة ببعض مسؤولي إدارته، وهو يعلم أن بإمكانه القيام بذلك من دون أن يخسر دعم الجمهوريين في الكونجرس.
لم يكن الأمر كذلك دائماً، حتى قبل عام من الآن. تذكروا أنه تم تعيين روبرت مولر، المستشار الخاص، في مايو، عقب رد فعل جماهيري حاسم على فصل جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي قيل إنه لم يقدم أي تأكيدات بشأن تقليص تحقيق روسيا، وأوقف التحقيق مع مايكل فلين، مستشار الأمن القومي السابق.
ومنذ ذلك الحين، كان ترامب يعمل على عرقلة التحقيقات التي يجريها المستشار الخاص في إطار عملية لتسييس وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي. ولم يعد خبراً أن ينتقد الرئيس –وهو السلطة التنفيذية– سمعة مكتب التحقيقات الفيدرالي أو أن يدعو وزارة العدل للتحقيق مع أعدائه السياسيين أو أن يحاول التأثير على الشهود المحتملين ضده.
لا شك أن ترامب ينظر إلى وزارة العدل باعتبارها أداة لمعاقبة أعدائه السياسيين والتغاضي عن أخطاء حلفائه.
هذا هو وضعنا الجديد، وقد أوضح الجمهوريون في الكونجرس أنهم لن يعزلوا ترامب من منصبه لأنه يعرقل العدالة. وهذا أمر مهم لأن وزارة العدل خلصت منذ فترة طويلة إلى أن أي رئيس في منصبه لا تمكن إدانته. ومن المرجح أن يتبع مولر هذا التوجيه، ويقدم تقريراً إلى الكونجرس بدلاً من إدانة الرئيس لعرقلته العدالة.
وصعب تخيل قيام 19 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ بإدانة ترامب لأنه يعرقل العدالة. وهذا بحد ذاته لا يعني أن رئاسته ستستمر حتى 2020 (أو بعدها)، بالنظر إلى مجموعة المشاكل القانونية التي يواجهها الآن.
قبل أسبوعين فقط، ذكر محامي ترامب السابق، «مايكل كوهين»، للقاضي أن ترامب أعطاه توجيهات لارتكاب مخالفات. لكن يبدو أن العرقلة هي التحدي الأول لرئاسة ترامب إذا ما ثبت أن مولر يعد تقريراً حول العرقلة.
وفي الظاهر، يبدو أن رفض مجلس الشيوخ عزل الرئيس من منصبه لعرقلة العدالة، لا يمثل شيئاً أمام المشاكل القانونية الأخرى التي يواجهها.
وبرغم خطاب ترامب وتهديداته بإعاقة تحقيق مولر، فإن تحذيرات فريقه من أن أفعاله قد تؤدي إلى مساءلته يبدو أنها قيدت الرئيس أحياناً. وعلى سبيل المثال، قيل إن ترامب لم ينفذ خططه لإقالة مولر في مواجهة الاعتراض من مستشار البيت الأبيض «دون ماكجان». ومؤخراً، قام الرئيس بإقالة ماكجان 11 يوماً بعد ظهور تقارير تفيد بأنه تعاون مع تحقيق مولر. بيد أن الرئيس تبع ذلك –ربما بسبب تحذيرات محامييه– بتغريدات قال فيها إن الفصل لم يكن عقاباً على تعاون مكجان.
وإذا رفض مجلس الشيوخ الأميركي إدانة الرئيس لقيامه بعرقلة العدالة، قد يتجاهل ترامب هذه التحذيرات مستقبلًا، وربما يعفو عن أصدقائه ويستبدل سيشنز بوزير عدل يقوم بغلق التحقيقات، ويقيل مولر ويبدأ تحقيقات مع أعداء الرئيس.
وإلى ذلك، تم إعطاء ترامب الضوء الأخضر لتقويض التحقيقات، وحتى إذا نحينا مسألة العزل جانباً، فإن الجمهور الأميركي لن يعرف الحقيقة بشأن التهديدات التي تحيط بانتخاباتنا والجرائم التي يواصل مولر التحقيق بشأنها، من بين أمور أخرى عديدة.

*مدعٍ فيدرالي سابق

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»