منذ الحريق الفظيع الذي شب في المتحف الوطني البرازيلي في ريوديجانيرو، تميزت رد فعل العالم بالغضب والصدمة إزاء الدمار الذي لحق بأكبر متحف للتاريخ الطبيعي في أميركا اللاتينية.
وسارع البرازيليون إلى إلقاء اللوم على سوء الإدارة الحكومية، والخفض الكبير للميزانية، وإهمال عام للإرث الثقافي للبلاد.
ولكن ومثلما يذكّرنا الحريق الذي اندلع في «متحف الفن الحديث» في نيويورك يوم 5 أبريل 1958، فإن الحرائق وكوارث طبيعية أخرى لطالما طرحت تهديداً بالنسبة لأبرز المتاحف في الولايات المتحدة وأوروبا مثلما طرحتها بالنسبة لنظيرتها الأقل غنى في أجزاء أخرى من العالم. وفي الولايات المتحدة، يعود التاريخ الطويل للحرائق إلى السنوات الأولى من إنشاء المتاحف – وما زال متواصلاً إلى اليوم.
ومع بداية القرن العشرين، كان ثمة إقبال واسع على مباني متاحف «مقاومة للحرائق»، ولكن أنظمة الرش يمكن أن تطرح مخاطر من نوع آخر. ففي حريق «متحف الفن الحديث» في نيويورك، حدثت بعض الأضرار التي لحقت بمقتنيات المتحف بسبب مياه فوهات الحريق التابعة للمبنى.
وبالنسبة للمتاحف الغنية، هناك تدابير خاصة يمكن أن تساعد على تجنب أسوأ التهديدات. وعلى سبيل المثال، فإن «مركز جيتي» في لوس أنجلوس يقع على قمة تلة في منطقة مشهورة بتردد الزلازل والحرائق، ولكن بفضل وقفٍ يناهز 7 مليارات دولار، استطاع المركز استثمار مبالغ كبيرة في تكنولوجيات من أجل حماية المتحف.
بيد أن معظم مباني المتاحف بُنيت قبل الابتكارات الحديثة، وبالنظر إلى تزايد نفقات التسيير وتقلص الميزانيات، فإن قلة من المتاحف فقط مستعدة لتخصيص موارد قليلة للتأهب لحالات الكوارث. ومثلما لفت إلى ذلك آندرو ويلسون، مستشار شؤون المتاحف، والرئيس السابق لبرنامج الحماية من الحرائق في مؤسسة «سميثسونيان إنستيتيوشن»، فإن «ثمة موقفاً متعجرفاً في هذا البلد مؤداه أن «الحريق لن يحدث لي».
وبينما نشهد المأساة التي وقعت في البرازيل، فإنه قد يكون من السهل للغاية أن نقول إن هذه مشكلة تعني البلدان الفقيرة، ولكنها ليست كذلك. إنه تحذير لنا جميعاً!
وإلى أن نشرع في معالجة التهديدات البيئية والبشرية الخطيرة التي تهدّد كنوزنا الوطنية، فإننا أيضاً نواجه خطر مشاهدة مئات السنين من الفن والتاريخ تتبدد وتتحول إلى رماد.
*باحث وصحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»