أيها الصديق الجميل دائماً·· الغالي أبداً: - لا تدع ما مر بك·· أن يَخبي ويُخبئ ضحكتك المجاهرة بالفرح· - لا تدع ما مر بك·· أن يزعزع عافيتك باتجاه الحياة وعطرها· - لا تدع ما مر بك·· يتمكن من وعيك وفهمك للكون وسر الوجود· - لا تدع ما مر بك·· أن يغير ألوان الحياة في عينيك· - لا تدع ما مر بك·· أن يهزم الرجل الجبلي، ذلك المعشوشب بالأسئلة، وأطراف الحكمة، وصبر المجالدين· - لا تدع ما مر بك·· يا صديقي أن يجعلك تدمي مقلة العين ببكاء قرّة العين· - لا تدع ما مر بك·· يا صديقي أن ينسيك الحقيقة الوحيدة، تلك التي قليلون من يتقبلها ببسالة المحاربين· - لا تدع ما مر بك·· يثنيك عن ريّ العشب الأخضر تحت أقدام أحفادك الطرية، أولئك الذين سيذكّرونك بها، ويذكرونك عندها كجد مكافح إلى آخر مدى· - لا تدع ما مر بك·· أن يسجنك في كهف صوفي أو زاوية للدراويش مملّة ومعلّة أو يسحبك نحو زرقة الكهنوت، ومكر الآباء المتدثرين بالنص والحرف وما يؤفكون· - لا تدع ما مر بك·· يا صديقي في فقد غاليتك وغاليتنا أن يطفئ بريق قلمك ووهج نارك وعَلَمك· - لا تدع ما مر بك·· أن يجعلك متربصاً بالمدينة التي تحب، خائفاً من المدينة التي تحب، ساهياً غير لاهٍ عمن تحب وما تحب· - لا تدع ما مر بك·· أن يسلبك تأمل الشرفة الصباحي، الباردة بالورد ورائحة الياسمين، الحيّة بقهوة أم محمد ووصاياها غير المكتملة، الضاجة بتلك السيجارة المرتجفة بين الأصابع الخشنة المصفرّة أطرافها، بتلك الكحة غير الناجحة دائماً، وذلك الاشتهاء المبكر لصحن الغداء أو أي وجبة مقترحة مع صعاليك المدن وزوارها العجلين· - لا تدع ما مر بك·· يا صديقي أن يغافلك ولا تتذكر أنك مبدع، وأن قبلك أولين، وبعدك آخرين، أبكتهم الحياة، وهم لا يستحقون إلا فرحها، تولستوي العظيم وزوجته المقبرة، بوشكين ذاك الشاعر الذاهب بشعره ونبله وعمره إلى حتفه اليقين· - لا تدع ما مر بك·· يا صديقي أن يعبر فوق جثتك· تلك وصية من لم يقدر أن يحادثك أو يخابرك، مختاراً الكتابة لك، لأنه يبجلك، ولأنك تعرفها، ولأنها ما يتقنه، عافاً عن المحادثة خوف أن تشعر بتلعثمه وبحرقة صوته وهو يكلمك، قارئاً في سره آيات الصبر، وإنّا إليه راجعون·