لم يشفع التأهل إلى الدور ثمن النهائي من دوري أبطال أوروبا، أو البقاء في مسابقة كأس الملك بإسبانيا للأرجنتيني ماوريتسيو بيليجرينو مدرب فالنسيا، فبعد الخسارة القاسية من ريال سوسييداد بخمسة أهداف مقابل هدفين، كان قرار إقالة المدرب بعد المرحلة الرابعة عشرة من الدوري الإسباني، على الرغم من أن فالنسيا عملياً لا يزال وضعه جيداً في حسابات الدوري. المدرب بدوره رأى أن قرار الإقالة غير عادل، واتخذ على عجلة ودون تفكير. وأن الإدارة اتخذته «خوفاً من الوضع» بعد أن مني الفريق بهزيمتين على التوالي أمام ملقة (صفر-4) ثم سوسييداد، وعلى الرغم من القرار، إلا أنه تمنى العودة مجدداً في أي يوم للإشراف على الفريق الذي دافع عن ألوانه كلاعب لست سنوات. هذه الواقعة مهداة إلى أنديتنا وأيضاً إلى مدربينا وربما إلى جماهيرنا، فمن حسن حظ الكثير من مدربينا أن إدارات الأندية لدينا ليست بهذه القسوة مثل إدارة فالنسيا، ولو كانت الرباعيات والخماسيات سبباً للإقالة، ربما لرحل الكثيرون عنا، خاصة أنهم لم يقدموا لفرقهم ربع ما قدم بيليجرينو وكل مهمتهم مع فرقهم، ربما تنحصر في مجرد السعي للبقاء بدوري المحترفين، وتراهم بعد كل خسارة ثقيلة يبررون ويبررون، وكأنهم وحدهم من يفهمون في الكرة أو كأنهم غير مسؤولين عما يحدث لفرقهم. المدرب هو قائد «الكتيبة»، والطبيعي أن يتحمل المسؤولية عند الإخفاق وأن نشيد به عند الفوز، وتكرار الخسارة يعني أن هناك خللاً كبيراً هو المسؤول عنه، حتى لو عاد الأمر إلى اللاعبين، فلا أحد سواه عليه أن يضبط إيقاع الفريق، ولا أحد غيره عليه أن يجمع شتات اللاعبين، وحتى لو أعيته السبل في إيجاد حل لمعضلاته فأعتقد أن أقل شيء يمكن أن نطالبه به، هي «الصراحة» وليس اللعب بالكلمات وانتظار صدفة تمنحه «قشة إنقاذ» قد تأتي وقد لا تأتي، وربما حين تأتي تكون الأمور قد انتهت، ومضى الفريق إلى مصيره المحتوم. في دورينا، هناك مدربون لا يستحقون البقاء وربما لاعبون أيضاً، ولكننا لسنا بذات القدر من المصارحة والشفافية التي يمتلكها الإسبان، والتي دفعت فالنسيا للتضحية بمدربه في هذا التوقيت، وهي شجاعة ربما لا نجيدها هنا، وإن أجدناها فقد نخطيء التوقيت. لا أعني نادياً بعينه، ولا مدرباً بعينه، والمتابعون لدورينا يعلمون من يستحق البقاء ومن لا يستحق، ولعل المطر المنهمر في الدوري منذ انطلاقته، لو تعاملنا معه بالمنطق «البيليجرينو» ما بقي إلا عدد قليل من المدربين الذين يسيرون بخطى تنبئ عن فهم وعن دراسة وليس عن عشوائية وتخبط. نعود لنؤكد مجدداً أن الركيزة في أي عمل رياضي تقوم على «الاختيار»، والذي يستحق منا أن نجريه كما يجب وكما يستحق، وألا «نطبخ» الأمور سريعاً، أو نتجه إلى من نعلم لأنه «خفيف» على «القلب والمعدة» وبعد الاختيار يكون التقييم المتواصل والدوري، وما بين الاختيار والتقييم، فتش عن المختصين والفنيين، والذين بيدهم اتخاذ القرار، فعليهم أن يكونوا أهلاً له، حتى يتحملوا تبعاته. كلمة أخيرة: انتهاء الصلاحية لا يعني «زوال السلعة»، لكنه يعني أن فائدتها صارت ضرراً mohamed.albade@admedia.ae