نتطرق لموضوع تربية الولد والبنت في مجتمعنا العربي حيث يتربى الولد وكأنه مشروع جحش مستقبلاً، فالضرب فيه و"الهزاب" فيه، و"الفَتّنة" عليه، أما البنت فتتربى وكأنها مشروع لزجاجة من بلور، يخاف عليها من الكسر، وتظل العين عليها، وتفرض عليها الحماية المبكرة، ويعاملونها بالحسنى وبالتي هي أنعم وألطف، فعند أي مشكلة طفولية أثناء اللعب مع أخيها، أول ما يتوجه اللوم يتوجه للصبي "الشيطان، العفريت" أما البنت فيكفي أن تبربش بعينيها الذابلتين حتى تسقط عنها كل التهم، وإن أرادت أن تزيد من ضرب أخيها، فيكفيها أن تنزل دمعتين سريعتين على الماشي باعتبار أنها مظلومة على الدوام، حتى عند الهدايا يكون حظها أوفر، ويظل الوالدان ينتقيان لها، ويشقيان حالهما أو يظلان يلومان نفسيهما كل حين حتى يجدا لها الهدية التي تفرحها وتميزها، أما الولد والذي يمكن أن يسمى بعد تخطيه السابعة بـ"اليعري" والذي يمكن أن يؤمر بالصلاة فيها، ويضرب عليها فيما بعد مباشرة، دون أن يتم العاشرة، فهديته من الحاضر والموجود، وما يمكن أن يعثر عليه الوالدان في طريقهما، الولد لو "شمخ" أخته بطريق الخطأ، فسيجلد بالعقال، وهي لو "وغفت" عينه، فسيقول الوالدان: "هذا والله من شطانته اللي ما يقرّ ولا يهدأ" ويمكن أن يلومان الأخت قليلاً أن لا تقرب أصابعها من عيني أخيها مرة ثانية، ثم يردفان بعد تلك الجملة مباشرة: " وأنت "الشيطان" خل عنك "الدحاب والينان" تراك كبرت، ولعب "اليهال" ما يصلح لك"، "عنبوك غديت يعري يرم"! يكبران الولد والبنت سوية، الولد يفك له رأسه، ويترك "يهيت، ويضَوّل" من الأصدقاء الصالح والطالح، ولا يسأل عنه إلا فيما ندر، وعليه أن يعتمد على نفسه، ويحمّلونه الخشونة والشظف وهو ما زال عوداً أخضر رطباً، لأن الولد يقال له أن ذنبك على "ينبك" أما البنت فتظل العناية المبالغة موجهة لها، وتظل الأسوار كل يوم من حولها تزيد حتى تكاد أن تخنقها، والكل يداري تلك "الغرشة" لكي لا تنكسر، ويتطاير زجاجها الذي كسره لا يجبر، ويصبح كل شيء يصدر منها له تفسير إجتماعي، وكل فعل تأتيه عليها أن تفكر في عائلتها وجيرانها ومدينتها وبلدها أولاً، لأن ذنبها يتحمله الجميع، وكل ما يظهر منها وعنها يمكن أن يخدش الشرف "الجنسي" ويلوث السمعة، ويسوّد الوجه، ولأن همّ البنات حتى الممات، تظل كوكبة الرجال المحيطة بها تصدّر لها الأوامر والنواهي والزواجر، وأدوات الإرهاب والترهيب، بدءاً من "لعن الملائكة لها إن نام زوجها غاضباً منها" وانتهاء بـ"أن أكثر أهل النار من النساء" فتضيع منها طفولتها المنهوبة والموءدة، والتي لم تعشها كاملة، مروراً بحياة الكد والتعب والوحدة بعد النكاح، إلى شيخوختها المبكرة، وحتى يتخلصون منها في دفن سريع وخجول! amood8@yahoo.com