نستغرب من بعض الناس وين بيودون هالفلوس؟ الله عطاهم ورزقهم من حيث لا يحتسبون، والشيوخ عطوهم وما قصروا فيهم، وداقوا البلدية وحوشوا إللي يبونه، وراجعوا الزراعة وألفوا الخير وسوّقوا محاصيل مزارعهم، عندهم عمارات، وبيوت مؤجرة، وشركات تشتغل، وما يخلون شيء أييب فلوس إلا ويسوونه، مراكضة على البنوك والأسهم واللي يعرفونه وما يعرفونه، ما دام فيه روبّي عليك به، حفارات رقوق عندهم، فوزات ماي بالورّة ومشغلينها لحسابهم، نجالات دفان واشتروا وسجلوا، وسيارات مؤجرة على شركات البترول وما ذخروا ذخيرة، وعقب كل هذا·· تلقاه يستطمع ويشارك هندي في محل للطباعة ونسخ المستندات أو يكفل بنغالي في محل لحام الحديد وصنع الأبواب، كل شيء·· كل شيء، ياركم الله· وبعده ما يشبع تراه·· شوفته شوفة كسيفة، وحاله حال بن عرّوه، يوم يتبادى ولأنه بذيك السفرة الصفراء اللي لو تعصرها في اثم كلب جان مات، ونعاله - كرم الله وجوهكم- والله أنّهَا، وجلدها قاسي، وصناعة رديئة مرّة، والكندورة دلعاء وممتشة من الغسيل على يد الشغالة في البيت، مش في مصبغة على البخار، وطربوشتها معقدة ومسودّة، وعقاله مغبرّ وأملح، وسيارته من سنة سكتو، ما دامها تمشي، هو والخير رباعه· تريد تشوف نعمة ربه عليه، فلا تجدها، تريد أن ترى خير البلاد وكرم الشيوخ عليه، فلا تجد له أثراً، لا·· وعقب هذا تلقاه يجاسر على الروبية، ووده يغمط البائع بأي شيء، ويسير سوق السمك متأخر، مب من غبشة، وبعد ما يبور السمك، ويبيعون لك السماميج بالجفير وبالمَنّ، أعنبوك وين بتودي هالفلوس؟ أرحم نفسك وشرغها شوي، فرّج على عيالك وفرّحهم، وخلهم يبرجون ويشوفون النور، البنات·· كله ولا البنات، بن آدم ما يبخل عليهن بشيء، لأن الناس اليوم تروح وتي وتظهر وتشوف، والخير زايد ووايد، مب مثل أول، الأول وهو الأول كان الناس مشرغين عيالهم وبناتهم بالأخص، لا·· هو يتم يحاسبهم، ويضييق عليهم في حياته حتى يكرهونه، ويتمنون موته، عشان يتقاسمون غوازيه وأملاكه، يبخس الشغالة على معاشها القليل، ويريد يظهره من جلدها، ويبقى يناجر الدريول على عشر روبيات، ولو الود وده، جان أكّل أهل بيته في غداهم عوال ومالح وجسيف وعيش شيلاني، وريّقهم خبز رقاق وسمن وشكر، والعشاء على الله، لأنها أكلات ''خفيفة'' على قلبه، ولا ''تربك'' معدته، ولا تضر بمخباه· مثل هؤلاء الناس ما ندري ليش ما يكون طعم الحياة حلو في أفواهم؟! الرب يسعدهم·· ويبعدهم، ولا يجعلنا منهم يا بعدي·