ما من شيء في الحياة إلا وله وجهان، غالباً ما يكون أحدهما عكس الآخر، حالة الثنائية عامة وثابتة ومقيمة في كل التفاصيل، حتى أهلك وأبناؤك وأصدقاؤك، ولا تذهب بعيداً فحتى نفسك تسنها هذه الثنائية التنافرية، الخير والشر، القبح والجمال، الفائدة والضرر، الكذب والصدق، الوفاء والخيانة، اللؤم والطيبة، الجبن والشجاعة، البخل والكرم، و...............إلخ، إنه تضاد بلا نهاية، وبلا توقف، وبرغم أنك تعرفها جيداً إلا أنك تشعر بالمباغتة والضيق حين تعترض طريقك وكأنك تكتشف الأشياء للمرة الأولى. مساء البارحة، وصلني بريد إلكتروني من أحدهم يعتبر كتابتي عن إحدى بنات الإمارات “مجاملة ومسح جوخ و.... كلام فارغ لا داعي لذكره”، ولقد دهشت فعلاً من البريد الذي حمل الكثير من الألفاظ السيئة والعبارات الجارحة، التي أترفع هنا عن ذكرها، لكنني فوجئت بعدم قدرتي على الرد على إميل القارئ فأعدته إليه بلا شكر ثنائية الخير والشر ساكنة في تفاصيل النفس، وجدلية حسن النية وسوء النية لا يمكن الخلاص منها بغير الحرية، فحين نحرر أنفسنا من الارتهان للمعادلات والشكوك ولعبة المصالح وصياغة الحياة وفق هذه المعادلة وننظر للدنيا كل الدنيا بما فيها ومن فيها من هذه الزاوية لن نفكر إلا بمنطق هذا القارئ ... ومسكين هو الصحفي والكاتب فما من شخص يساء الظن به في عالمنا أكثر منهما...... كان الله في عون الجميع! ومساء البارحة أيضاً، تلقيت رسالة من قارئ كريم ينبهني إلى خلل إلكتروني، حيث أُصيب بريدي الإلكتروني بـ”فيروس”، خبيث جداً صار يرسل على إثره رسائل سيئة لمجموعة الأصدقاء في بريدي وربما لآخرين لا علم لي بهم، حتى بادر أحدهم إلى التعليق بأنني أرسل إيميلات فاضحة وهي تهمة أتبرأ منها أمام الجميع... ألم أقل لكم إننا نعيش في عمق الثنائيات المتضادة في كل لحظة من لحظات حياتنا، فحتى التكنولوجيا التي نحمي أنفسنا من انزلاقاتها بشتى الوسائل تباغتنا من حيث لا ندري، فنقف حيارى نتساءل كيف نتصرف الآن؟ تماماً كأطفال بلا خبرة فاجأتهم الدنيا بمصيبة لا قبل لهم بها مع أنه في جعبتنا الكثير والكثير من مفاجآتها الكبيرة والثقيلة! وسألتني صديقتي البارحة أيضاً: هل تجدين أدنى فائدة لما يسمى بالـ”فيس بوك”؟ وحين سألت عن سبب السؤال علمت أن ابنتها وقعت في شرك من شراك تقنية هذا الموقع الاجتماعي ذائع الصيت، وبأن مشكلة كبيرة قد وقعت، فهي لذلك تلعن “الإنترنت” والكمبيوتر والـ”فيس بوك” و”أي بوك” في العالم، فخففت من شعورها بالكارثة وأخبرتها بأن الحياة تجارب ومثلما تعلمنا من المدرسة والسكة يتعلم أبناؤنا من الـ”فيس بوك” والكمبيوتر؛ لأننا لا نتحدث إليهم ولا نحاورهم كما يجب، وهذه ثنائية أخرى تستحق الحديث مطولاً! ayya-222@hotmail.com