مازالت منظومة التوطين كفكرة وكواقع تراوح مكانها بالنسبة لمؤسسات القطاعين الحكومي والخاص، لا نستثني منهم أحدا ، فالقطاع الخاص مثلا لايزال مصرا على أكل الكيكة كلها لوحده، دون أدنى رغبة منه في أن يشاركه أحد في الأرباح والمكاسب الكبيرة التي يجنيها والتي يفترض أن يكون للدولة نصيب منها كنتيجة طبيعية لمبدأ المشاركة، ألا توفر الدولة لهذا القطاع بنية تحتية متطورة وخدمات متقدمة، وتسهيلات لا نظير لها وأحيانا مساعدات عينية وغير عينية، دون أن تفرض عليه أية ضرائب مثلا على أقل تقدير، فإذن ألا يعتبر استيعاب القوى الوطنية ضمن مؤسسات هذا القطاع جزءا من المشاركة في الأرباح؟ أم أن هذا القطاع لا يعترف بهذه المعادلة من الأساس لأنها تأتي بما لا تشتهي سفن مصالحه؟ وبما أن الجواب قد قدم من قبل هذا القطاع مرارا وتكرارا برفضه الكامل والصريح والمتحايل أحيانا على سياسات التوطين التي تنتهجها الدولة، فقد حان وقت الجد والانتقال لخطوة أكثر صرامة عن طريق التلويح بالعقوبات لمن لا يلتزم بسياسات الدولة، بالرغم من أن العقوبة ليست مقلقة لكنها خطوة على طريق الألف ميل فقد قررت وزارة العمل اتخاذ عقوبات مالية وإدارية بحق منشآت القطاع الخاص غير المتقيدة بالإجراءات المقررة لتشغيل المواطنين وذلك بتطبيق العقوبات المستحدثة في شهر أبريل المقبل بحيث يتم تغريم المنشأة المخالفة 20 ألف درهم، إضافة إلى تسجيل 70 نقطة سوداء ضدها تبقى في سجلها لمدة سنة، وذلك في حال لم يترتب على تلك النقاط نقل المنشأة للفئة أو المستوى الأدنى ضمن نظام تصنيف منشآت القطاع الخاص. لقد أصبحت مسألة تحايل أو تجاوز القطاع الخاص فيما يتعلق بالتوطين، وعدم الالتزام به، رغم كل ما تقدمه الدولة لهذا القطاع أمرا مقلقا، ما يعني أن زمن المطالبة قد انتهى وجاء زمن الإلزام، وما يعني أيضا أن هذه المظاهر والسلوكيات الصورية التي لا تخلو من تحايل وادعاءات كاذبة وإعلانات عن نسب وأرقام غير حقيقية أصبحت مكشوفة جدا، ما يستلزم أجراء لا يقل حدة عن ما ينتهجه القطاع الخاص حيال قضية حيوية من قضايا المجتمع. إن التوطين وما ينطوي تحته من شعارات و مبادرات تظهر بين الفينة و الأخرى لم تنعكس نتائجها الملموسة على أرض الواقع وبدلا من أن يتقدم بعد كل هذه السنوات والجهود الحكومية فإنه يسير للخلف تماما، والسبب في ذلك يرجع بشكل رئيسي إلى ما يقوم به المسؤولون و المديرون في مختلف الجهات الحكومية الاتحادية و المحلية والقطاع الخاص معا من تصريحات وتصرفات من شأنها تضليل الرأي العام فيما يتعلق بنسب وأوضاع التوطين!! عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com