لا أدري إن كان من سوء حظي أم من حسنه أنني ابتعدت عن مهنة التعليم في القرن الماضي، بعد أن كان أحد أحلامي أن أصبح مدرساً لما له من هيبة واحترام بين أفراد المجتمع، فالمعلم «المدرس» هو الحكيم الذي يلجأ إليه الجميع، ويحكم بين الجوار ووجه من وجوه المجتمع التي يتباهى بها الجميع، فالعائلة المحظوظة تلك التي يصبح أحد أفرادها معلماً، والجار المحظوظ من يحظى بجوار معلم، وفي القرى التي كان يأتي إليها المعلم من مدينة أو قرية أخرى يتسابق أهلها على من ينال شرف السكن عنده ودون أجر! يتحمل المعلمون مسؤولية كبيرة في تربية وتعليم أجيال المستقبل من فلذات أكبادنا، وينظر كثيرون إلى التعليم كمهنة كغيرها من المهن، ويظنون أن المعلم أنه مجرد خازن أو حافظ معلومات، يفرغ ما في جعبته على طلابه خلال الحصة الدراسية، ومع تطور التكنولوجيا يتناقص دوره في عملية التعليم، خاصة بسيادة المفاهيم والطرق الحديثة في التعليم، بحيث يمكن الاستغناء عن دوره، ويلقي كثيرون من الأهل على المعلم مسؤولية تراجع أو تدني، أو فشل أبنائهم، مع معاناتهم مع أبنائهم، إذ تحوّلت البيوت إلى مدارس، فإما أن يبذل الآباء والأمهات جهوداً كبيرة في سبيل متابعة دروس أبنائهم ويتحولون إلى مدرسين لأبنائهم، أو أن يتعاقدوا مع مدرس خصوصي يتابع أبناءهم. بلا شك إن التعليم ليس بالمهمة السهلة وهو بالأساس رسالة قبل أن يكون مهنة لاكتساب الرزق، وهي مهنة الأنبياء، ولا يحس بما يكابده المعلمون من عناء، ولا يقدّر الجهد الكبير الذي يبذلونه في عملهم، الذي يتطور يوماً بعد يوم، إلا من مارس تلك المهمة والمهنة الشاقة التي لا يقدر على أدائها بحق وأمانة إلا من أوتي سعة صدر وقدراً أعلى من الأخلاق، فالتعليم رسالة أخلاقية، وتشريف لكل من يعمل بها، وسيظل المعلم نبراس القيم والأخلاق السامية، فهو الذي يربي النفوس قبل أن يعلمها، فمهمة التربية تسبق مهمة التعليم وهي الأساس. للأسف يُنظر للمعلم في أيامنا هذه كآلة بلا إحساس، أو كجهاز كمبيوتر، يشغل ويطفأ بشكل آلي، وحين الطلب، مجردين إياه من الأحاسيس والشعور، ويحمّله الأهل مسؤولية أي فشل لأبنائهم، ملقين عليه بالمسؤولية الكاملة، متناسين إهمالهم أبناءهم وعدم متابعتهم، ويضن كثيرون على أبنائهم حتى بالسؤال عن مستواهم التعليمي طوال السنة، وإذا دُعي أحدهم لحضور اجتماع لأولياء الأمور ولى هارباً متعللاً بأعذار واهية. إبراهيم طوقان: حســـب المعلـم غمَّـة وكآبـة مرآى الدفاتـر بكـرة وأصيــــلا مئـة على مئـة إذا هي صلِّحـت وجد العمى نحو العيون سبيلا ولو أنّ في التصليح نفعاً يرتجى وأبيك لم أكُ بالعيــون بخيـلا Esmaiel.Hasan@admedia.ae