نهاية الاسبوع الماضي كان الضباب يهبط مبكراً في المساء، وأخرجت رأسي من شباك في الطابق العلوي من منزلي فوجدت أن المشهد جميل لا يمكن تفويته، فخرجت من المنزل ومشيت نحو الشاطىء القريب، الضباب الذي يكتنف المكان يضفي عليه غموضاً رائعاً، الرؤية تكاد معدومة فلا ترى سوى بضعة أمتار، تقافز أسماك الصل يصدر صوتاً في الماء يقطع هدوء المكان بإيقاع جميل، السكون يجعلك تسبح باسم الله وتتساءل فلا بد من فائدة وحكمة إلهية في الضباب، وفي تكاثفه فالأشياء لم تخلق عبثاً، غير انني لم أسترسل كثيراً في تأملاتي، وتوقفت على السياج الحديدي استمتع بالاجواء الضبابية إلى أن لسعني البرد وشعرت أن ملابسي قد تبللت فغادرت المكان. في اليوم التالي كنت مضطرة للذهاب إلى دبي في المساء لحضور انتخابات جمعية الصحفيين، برغم تحذيرات الأرصاد الجوية بخطورة الانتقال على الطرق الخارجية بسبب تكاثف الضباب في الليل، فقد كان الضباب قد هبط فعلاً مبكراً ليحجب الرؤية في طريق العودة إلى أبوظبي وبرغم خطورة القيادة في مثل هذه الأجواء، غير أن هناك اثارة تجعلك منتبهاً في الطريق الذي يبدو كأنه منحدر يحيطه غموض يجعلك تشعر بأنك تسير نحو المجهول، قد يبدو المنظر مخيفاً لكنه أوقظ في الذاكرة ذكريات الضباب في مدن استمتعت فيها بأجواء ضبابية في الشرق والغرب، أكاد أجزم الآن أن هذا الغموض هو نفسه الذي يكتنف أروقة حي كوينز في وسط لندن، بل وأجزم أن هذه المباني التي يكتنفها الضباب، ويحيلها إلى أشباح بنايات هي نفسها التي كانت في ذلك الصباح الندي المفعم بضباب كثيف في منحدرات كولون في هونج كونج، وأجزم أن هذا الطريق المنحدر هو نفسه الذي كان ينحدر بي في منحدرات الطريق إلى كارديف عاصمة ويلز.. الأمر مخيف أحياناً خصوصاً عندما أتجاوز شاحنة لا يظهر منها سوى أضواءها الكثيرة أو عندما تتجاوزني سيارات متلاحقة طائشة، غير انني وجدت الأمر مسلياً عندما أسير مهتدية بأضواء السيارات المجنونة.. مرَّ وقت طويل وأنا أسير في الطريق الغامض الذي يكتنفه الضباب، ولا أعرف أين وصلت لكنني أسير في خط مستقيم في الطريق المؤدي حتماً إلى أبوظبي إلى أن شاهدت بوضوح مباني شاطئ الراحة، فحمدت الله على السلامة. أمل المهيري Amal.mehairi@admedia.ae