«شفت واحداً هذا سيره، واحد قهمة، رقبته تقول جذع سمره، وزنده فعلاً يمشي عليه التيس، مش مَثَل وبس، وتتعجب كيف أن ركبه قادرة أن تحمل مثل تلك الجثة التي تزن بالرطل، وتقص شعرة الميزان، طول بعرض، واحد يشبه محاربي «الفاكينغ»، ولنتفق على أن اسمه «ريتشارد»، هذا أقل شيء يعني، فقلت لو أن هذا الأميركي أو الهولندي ابتلت به واحدة مواطنة، وتزوجته، حرام ما تصمل عنده شهرين، مب لجسامته التي تبدو عليها الوسامة، وليس لأنه هيز، وما يقدر يتحرك ويفز ّ إن سمع زكر أو نقع صايح أو طلبت منه زوجته أن يحطب في عرس أخيها، ولكن مثله فعلاً ما تروم تأمر عليه، ولا شكله يوحي بذلك اللين والعفو والسماحة إن ظلت «خزينة» تتدلع، وتتوجع، مرة خاصرتي، ومرة آنس ويع في زياني، وأتمّ تشوف عمرها عليه، مثل ريلها الأولي الذي ترك لها البيت الشعبي، ومزرعة في «بدع فارس»، وحاول جاهداً أن يهاجر لأستراليا، ولو اشتغل عامل تنزيل في الميناء الاسترالي البعيد».
كنت أتأمله من بعيد، وهو فرح، ولا في خاطره شيء، جالس يلحس آيس كريم، مثل طفل في الملاهي، وقلت: هذا لو قال لخزينة أنه بيروح السوق، وهو بذلك «الهاف الخاكي» الذي يشبه «هاف» الكشافة، أسميها بثور في وجهه، وأول كلمة سيسمعها: يا مسّوَد الويه، أنت ما تعرف المنقود، ولا المعنى، وإذا هز لها رأسه مستغرباً، وخرج، يمكن ينقطع نصخ خزينة.
اتخيلها، ليلة العيد، وهي تشالي من مكان إلى مكان، وهو متفيزر قدام التلفزيون، وعداله بالدي فرّاخ، وجعد كولا، ويشاهد مباراة في كرة القدم الأميركية التي لا تعرف من هو المهزوم فيها حتى لو خلصت المباراة؟ وهي مشتطة تسأله: ها يبت مقفّلة الحلوى؟ اشتريت تلغ حق فوالة العيد؟ منو بيجيب «سريعة» من الصالون، والبنات الصغار أنا بصراحة ما أروم أحنيهن، ودّهن بروحك عند المحنّيَة، ولا تنسى تشتري نعال حق رشود، واخطف على الخياط جيب كناديري، الله يغربله هذا الخياط، يمكن ضيّع خلقاني ليلة العيد، وعقب هذا كله، لازم يقوم ينش الفجر، ويروح المصلى يصلي صلاة العيد، وعقبها يذبح، وبعدها يبرز، ويوايه على الأقل سبعين مهنئاً بالعيد بالخشم كل يوم من أيام العيد، «ريتشارد»، ما أعتقد بيتحمل مثل ما يتحمل المواطنون الصابرون الكادحون، هو بس عيد واحد يمضي عليه، وبتلقاه توسد يمناه، وإلا إرتد لدين الآباء والأجداد، وخلى «خزينة» وبنتها «سريعة» من زوجها الأول، وبناته الصغار، ورشود في حجالها، وهجّ عابراً المحيط، تاركاً البر والمزيون لناسه»!