الإحساس بقيمة الوطن تربية أولاً وأخيراً والشعور بأهمية الانتماء إلى إنسان الوطن أيضاً تنشئة وعلاقة بين كائن مرب وآخر يتشرب الإحساس بعلم وفهم.. الأمر الذي يبرر دعوة معالي وزير التربية حميد القطامي إلى إدراج الوثيقة الوطنية ضمن مناهج التربية الوطنية.. نعم.. الطالب قد يتعلم الفيزياء والكيمياء والرياضيات وآخرها علوم في أي مكان وزمان وموقع ولكن الأخلاق الوطنية هي الرأس والأساس والمتراس.. المشاعر الوطنية كالعشب لا تروى إلا بماء المكرمات ولا تنمو ولا تخضر إلا بتوفر البيئة السانحة والمانحة والمؤهلة لتقديم كل ما هو مفيد وجيد.. الطالب الذي يذهب إلى مدرسته بحاجة إلى المدرس القدوة وبحاجة إلى الإدارة المدرسية النموذج وبحاجة إلى زملاء الدراسة المثال.. البيئة النظيفة هي البيئة المدرسية المؤسسة على الأخلاق الوطنية المدعومة بدوافع حب الوطن والانتماء إلى ترابه والذهاب بعيداً في صونه وعدته ودرء الخطر عن حياضه.. التربية الوطنية التي تنتمي إلى أخلاق المنتمين الصادقين الجادين هي تربية الإنسان وتعريفه بأهمية الوطن وضرورة الحفاظ على مقدراته وإمكاناته.. فما أصاب شعوب العالم اليوم من تمزق وتخرصات وإرهاصات واحتراقات ما هو إلا نتيجة غياب الحس الوطني وذهاب الأفراد بعيداً في شعاب وهضاب ترعرعت فيها مبادئ الفردية وتنامت فيها أعشاب شوكية وخائرة ومؤذية. شعوب العالم لم تذهب إلى الدمار وخراب الديار إلا لأن المؤسسات صاحبة الدور التربوي تخلت عن دورها وراحت تبحث في أتون النظريات العجفاء الرجفاء.. إذاً لابد وأن نضع كلام وزير التربية موضع الجد ولابد أن نشد على يد كل من يضع الوطن بين الرمش والعين وكل من يجعل من التربية الوطنية فضاءً رحباً لبناء جيل يتشرب العلم كما يتشرب الأخلاق الوطنية فلا قيمة لعالم أو مفكر يعيش في غربة عن وطنه ويفكر في سراب المعارف الشوفينية المقيتة.. تربية الإنسان أولاً، وتنشئة الإنسان شعلة الضوء التي يجب أن يحملها كل معلم وكل مرب وكل صاحب قرار، وصناعة الإنسان تبدأ من غرس الروح الوطنية وأسفار الجذور بضرب المبادئ الوطنية وفرات القيم الأخلاقية العالية التي ترفع من قامة الوطن في نفس المتعلم ويستمد بها في عقله. أتمنى أن تصب جهود جهات كثيرة مع جهود التربية في ترسيخ روح الوثيقة الوطنية واقعاً نمارسه في حياتنا اليومية ويا ليتنا نستطيع جميعاً صناعة مستقبل جيل بكامله على أساس وثيقة وطنية مبعثها الحب والولاء والانتماء.