حصل الشارع المصري على مبتغاه أخيراً، حصل على مطالبه التي صرخ بها مراراً على مدى الأيام الثمانية عشر الماضية، تُرى هل حصل على التغيير الذي أراده، هل سيحصل على ما يريده من حياة كريمة، ترى هل سيتمكن القادمون الجدد من هزيمة الفقر والبطالة والجوع في بلد عدد سكانه تجاوز الثمانين مليون نسمة؟
الشارع المصري يخط هذه الأيام ملحمة التغيير، لقد اندفع إلى عصر اليقين، لقد كبر هذا الشعب وصار قادراً على فرض إرادته، وفرض خياراته، ثار عبر «الفيسبوك».
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر أدوات الديمقراطية المفتوحة، وهو يشيع أفكاره باستعمال الوسائل الإلكترونية.. إنها ثورة بيضاء سلمية، ثورة تقلب كل الموازين، وكل النظريات الغربية والشرقية، إنها ثورة في الوعي وفي المفاهيم الأساسية، فالثوار هذه المرة ليسوا تجار سياسة.
والثورة لا يحركها المنظرون والفلاسفة ولا قادة عسكريون، إنهم مجرد شباب، بل بينهم طلاب وطالبات وصحفيون ومحامون، وبينهم علمانيون ومتدينون، يجمعهم مطلب واحد يرغبون فيه هو «التغيير»، من أجل حياة أفضل..
إنهم مجرد شباب يسعون إلى محاربة الفساد من دون إراقة دماء، ليعلموا الدنيا كلها أنهم قادرون على إحداث فرق، قادرون على التغيير، إنه شباب لديه إرادة صلبة، لديه رؤية في تحديد مستقبله ومصيره.
إنه حلم جيل جديد مختلف، اطلع على أنماط الحياة في دول العالم المتقدم، فرأى الحرية والمساواة والعدل وحقوق المواطنة والرفاهية ووسائل المتعة، ثم حين أغلق جهاز الكومبيوتر رأى واقعاً تعساً في بيته ووطنه، جيل رأى ديموقراطية حقيقية في أكثر دول العالم، جيل رأى الشفافية في بلاد كثيرة، بينما رأى في بلاده كل ألوان الفساد، جيل عجز أن تدور أحداث حلمه داخل حدود الوطن، فتمرد على الفقر والظلم.
وإننا أمام ثورة شعبية حقيقية تغير الرأي السائد، الذي يرى أن بعض الشعوب العربية غير قادرة على التغيير، وأنها شعوب منقادة قابلة للاستهواء والقهر والإغواء والاحتواء..


amal.almehairi@admedia.ae