الغيوم ترسم ملامح الأرض، تلتقط لنا صورا وترسم خرائط لأمنياتنا، وعيوننا تتجه نحو السماء والفضاء الواسع تتجه إلى رب هذا الكون العظيم، تتجه إلى الحلم وإلى النجوم إلى ذلك القمر وتلك الشهب، ونحن لا نعلم إلى أين نتجه بهذه الكرة التي نمشي عليها، ولا إلى أين تتجه هي بنا؟ كل ما نفعله في الأرض، ينعكس علينا في السماء، حتى ثقب الأوزون ما هو إلا انعكاس لسوء تعامل البشر مع الغابات، باتت أقمارنا الصناعية تنافس القمر وتسرق من نوره في الليل، وحلم الهجرة إلى المريخ ما زال يسكن وجدان الكثيرين. آمالنا غدت معلقة في الفضاء، ولم يعد مهما ما نفعله في الأرض، فالفضاء موجود حتى لو نضبت المياه في كثير من بقاع الأرض، وصفت الأجواء بين شدة البرودة وشدة الحرارة، لم نعد نشعر بالاعتدال في الهواء، إلى أننا ما زلنا ننظر إلى السماء فالأمل بات هناك. نبحث عن ظل الأرض في السماء، وربما هي رغبتنا في رؤية ظل الغيوم على الأرض الذي توارى عن أعيننا لم يعد يظهر البشكل الواضح. الحلول هي دائماً في الفضاء هكذا غدى الحال، نرسل "المكوكات" لنكتشف الفضاء وما زالت الأرض بكل ما فيها بحاجة إلى اكتشاف، نبحث عن الماء في القمر ولا نسأل عن كيف نحافظ على ما هو موجود على الأرض. نخاف من سقوط بعض الأقمار الصناعية على الأرض ولا نعلم كيف نستغني عنها، نتحدث عن البيئة ولا نستطيع أن نستنشق الهواء، نتخيل الكائنات الفضائية، بينما أخرى على الأرض مهددة بالانقراض. نتكلم عن ارتفاع ثاني أكسيد الكربون ولا مكان للتشجير، نحارب الاحتباس الحراري ولا نحارب الاجتثاث الأخضر. نعيش تناقضات كثيره مع البيئة لكننا نحرص على الحفاظ عليها! الفضاء الذي كان في الماضي حكرا على الحالمين والشعراء والكتاب بات اليوم ملجأً للكرة الأرضية بكل ما فيها، وقد يكون الأمر بأن العالم بأكمله غدا حالماً! في السماء أحلامنا وأمانيا وآمالنا في الأرض واقعنا الذي نحلق بعيداً عنه. في الفضاء نعيش في هذه الفترة ربما لأن الأرض قد ضاقت بنا، وربما لأننا لم نعرف قيمتها ولكن الحقيقة أن ظل الأرض مرسوم في السماء وكلما أحسنا لهذه الكرة التي نعيش عليها كلما كانت سماؤنا أكثر إشراقا. نعيش في الفضاء، وما زالت أقدامنا على الأرض، ولا نعلم حقا أكنا سنحلق بعيدا عنها في يوم ما! أمينة عوض | ameena.awadh@admedia.ae