كثيراً ما كان والدي رحمه الله تعالى يردد علي حكمة جميلة تقول “اليد الواحدة لا تصفق” ويشير بيده ضاربا أصابعه بكفه، عندما يراني وشقيقي نختلف و”نتهاوش” ونحن صغار، ليؤكد لنا أهمية التعاون، والتعاضد، وأن الفردية لا يمكن أن تنجز شيئاً، ولا يمكن أن يتحقق معها أي نجاح.
نعم فالعمل الجماعي يسهل تحقيق النتائج، وهو أقصر الطرق لبلوغ الغايات، وفي حياتنا العديد من المشاريع والخطط الإنمائية المجتمعية والاقتصادية والبيئية وغيرها من المشاريع التي تهم حياة الناس تطلقها مختلف مؤسساتنا وهيئاتنا الحكومية، ضمن مساعيها لتفعِّل دور المجتمع وتحسِّن نمط الحياة، والحفاظ على أمن وسلامة المجتمع، وتأمين بيئة نظيفة وخالية من التلوث، وهو ما تسعى له على سبيل المثال بلدية دبي، ودائرة الأراضي والأملاك وغرفة تجارة وصناعة دبي، واتصالات، في حملتهم الجميلة التي اطلقوها مؤخراً باشراك موظفيهم في “يوم بلا مركبات”، وهو أن يأتي الموظف الصغير، والمسؤول الكبير إلى عمله دون سيارته الخاصة، حيث يستبدلها بركوب إحدى وسائل النقل العام، وبالتأكيد ليس انتقاماً من الموظفين، أو عقوبة لهم، بل لإشراكهم في مهمة وطنية هي تقليل استخدام المركبات الخاصة، وتشجيع او تجربة استخدام النقل الجماعي، من أجل تقليل البصمة الكربونية والتقليل من التلوث والمساهمة في الحفاظ على البيئة. وبالفعل تجاوب الموظفون وقبلهم المسؤولون مع التجربة، واستغنى أكثر من ?2500 موظف وموظفة من المؤسسات الأربع عن سياراتهم الخاصة.
مثل هذه المبادرات من شأنها أن تكشف أهمية تعاون الجهات للحد من الزحام المروري، وتكدس السيارات، بعد أن شاهدنا مواقف تلك الجهات خالية من السيارات فيما تكون مكتظة عن بكرة أبيها في الأيام العادية، حيث يختلط حابل السيارات بنابلها، بين من صف سيارته بموقف نظامي، وآخر تحسس مساحة فارغة فأوقف سيارته. وإنني أتفق تماماً مع ما ذهب إليه مدير عام بلدية دبي من أهمية غرس ثقافات الوعي البيئي بين موظفينا، وترسيخ مفهوم استخدام وسائل النقل المستدام، وأهمية دور المؤسسات والهيئات في تعزيز مفهوم الوعي البيئي، واستخدام وسائل النقل الجماعي بين موظفيهم.
وإذا كانت المؤسسات الأربع قد خصصت يوماً بلا مركبات، وشعر المسؤولون بأهمية المبادرة ونجاحها فإن من الواجب تكرارها، بل تعميمها بشكل أوسع، ومناقشة تطبيق هذه المبادرة بآلية أكثر تطبيقاً، لتعم الفائدة على بيئتنا أولاً ولتكون مبادرة هذه الجهات الأربع نواة لتعميم فكرتهم ومبادرتهم الرائعة على باقي الجهات، ولتكون أيام عملنا كلها بلا مركبات، أو تكون في فصل الشتاء على أقل تقدير على أساس أن الموظف يمكن أن يستغني عن سيارته ويركب تاكسي أو حافلة نقل جماعي أو حتى حافلة نقل جماعي مخصصة من جهة عمله.


m.eisa@alittihad.ae