حتى الذي اخترع كرة القدم ووضع أصولها وأرسى قواعدها وصدرها إلى كل بقاع الأرض لم يكن يحلم بهذا، ولم يطمع في بعض هذا ولم يضع في حسبانه أن كرة القدم ستلعب هكذا، ولم يفكر أنه في يوم من الأيام سيفعل ذلك العبقري الإنجليزي ما فعله عندما استهان بكل قوانين الجاذبية لنيوتن وسجل هدفاً من نسج الخيال، هذا هو هدف واين روني لاعب مانشستر يونايتد في ديربي المدينة أمام الجار مانشستر سيتي والذي حسم نتيجة المباراة لصالح الشياطين الحمر. هذا الهدف الذي أجبر الجميع على الوقوف والتصفيق ولعل هذا كان شعور حارس مرمى مانشستر سيتي الذي لم تكن له ردة فعل عند تسجيل الهدف، وكأنه وقف في طابور الذين أبهرهم سحر اللقطة فلم يرد أن تفوته تلك اللحظة التي تعلق عندها روني في الهواء وظهره إلى المرمى ليسجل الهدف بطريقة أكروباتية رائعة وخيالية. هذا الهدف صالح لكل الأوقات ولك الحرية في اختيار وقت المشاهدة، فقد تشاهده في الصباح لكي تستبشر بيوم مشرق مفعم بالأمل والتفاؤل والبهجة، وقد تشاهده وقت العصر لكي يذهب عنك متاعب وهموم يوم طويل في العمل، أما أولئك الذين اختاروا مشاهدته قبل النوم فقد يفتح لهم بوابة الأحلام السعيدة والنوم القرير الهانئ. هو هدف قد يغنيك عن عناء مشاهدة ألف هدف من تلك التي تسجل في ملاعبنا العربية، وهو هدف يعيد إلى وجهك ابتسامة قد تكون غائبة منذ زمان طويل، كما أنه هدف يعيد ترتيب حالتك المزاجية كما لو كنت تستمع لموسيقى موزارت ويزيد من قيمة كرة القدم كلعبة فتزداد بها تعلقاً وتهيم بها عشقاً. وفي غضون دقائق كان الهدف ينتقل عبر الوسائط الإلكترونية الحديثة ليتحول إلى هدية يتبادلها الأصدقاء في أكبر حملة دعائية للاستمتاع بكرة القدم الحقيقية والتي ستظل صامدة في وجه رؤوس الأموال وبارونات الاقتصاد الذين يحاولون أن ينزعوا من اللعبة روحها الجميلة. أصابتنا حالة من التشبع بسبب الكرة القبيحة وأساليب الدفاع المقيتة التي تقتل جماليات اللعبة وتتحالف ضد المواهب القليلة في هذا الزمان، وكدنا نفقد الأمل في اللعبة وقدرتها على مواصلة تقديم الجديد بعد انقراض سلالة النجوم الكبار أصحاب المواهب الخارقة والإمكانات الفذة، فيأتي روني وميسي وزلاتان وكريستيانو ليمنحونا بصيصاً من الأمل في غدٍ أفضل. في الختام لا معنى للحياة إذا لم يكن بها جديد يدهشك، وكذلك هي كرة القدم وكذلك روني وهدفه الجميل المدهش. راشد إبراهيم الزعابي | Rashed.alzaabi@admedia.ae