هاتفني أثناء مباراة برشلونة الإسباني وشتوتجارت الألماني ضمن دوري أبطال أوروبا ودون أن يلقي بالتحية، بادرني بالسؤال، والآن هل ما زلت مصراً على أن مارادونا أفضل من ميسي بعدما شاهدت، ودون تردد أو تفكير كان الجواب الوحيد نعم وبكل تأكيد، حتى لو حقق ميسي مع برشلونة كل بطولات الأندية على مستوى العالم لعشر سنوات مقبلة، ولم ينتظر حتى أكمل السرد فسرعان ما أقفل الخط. يمكن أن تعتبروني رجعياً ولا أواكب العصر، ولكنني أنتمي لجيل تأثر بذلك القصير السمين الذي أضاف لكرة القدم أشياء وأشياء ومن النادر أن يوجد شخص يضيف للعبة قبل أن تضيف له، نحن من الجيل الذي عاصر موهبة مارادونا الاستثنائية ويدين للأرجنتين بأنها قدمت هذا اللاعب الأعجوبة الذي شغل الناس وكان حديثهم داخل الملعب وخارجه. مارادونا ظهر في عصر ما قبل الثورة الإعلامية ومع ذلك فقد صنع لنفسه هالة إعلامية تلاحقه وتسير خلفه أينما رحل، فهو يمتلك الكاريزما الجاذبة، فأصبحت أي همسة لمارادونا “مانشيت” وأي غمزة صورة تنتقل عبر وكالات الأنباء لتنقل الفتى المحبوب إلى كل عشاقه في كل أنحاء المعمورة. ميسي لاعب استثنائي وهو بلا شك الموهبة الأبرز في الكون هذه الأيام، ولكنه يلعب في برشلونة هذا الفريق المتكامل الذي يزخر بالنجوم من كل الجنسيات، أما مارادونا فتجلت موهبته في نابولي ذلك الفريق المغمور الذي صنع أمجاده بعد قدوم الفتى الذهبي، ولا يزال إلى اليوم هناك عشاق لقميص نابولي والفضل لمارادونا. ويبقى ما قدمه مارادونا لمنتخب بلاده أكبر دليل لمن أرادوا المقارنة بينه وبين ميسي وهي مقارنة ظالمة بلا شك لميسي ولن تكون كذلك لمارادونا، فما قدمه هذا الأخير لمنتخب بلاده يفوق الوصف ولا يوجد لاعب في التاريخ أطلق اسمه على بطولة بحجم كأس العالم باستثناء مارادونا، لذلك سميت كأس العالم في المكسيك عام 1986 ببطولة مارادونا ولا أحد سواه. سيكون النجم ميسي على المحك في يونيو المقبل عندما يقود منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم، فهل يستطيع أن يقنع أمثالي من المتزمتين ومتبني النظرية المارادونية، أم أنه سيواصل حالة انفصام الشخصية فيلعب مع برشلونة بجسد ويرتدي قميص الأرجنتين بجسد آخر. دعونا ننتظر لنحكم، فهناك مختبر النجوم وهناك يمكن التفريق بين المعادن، هناك يكتبون التاريخ وحتى ذلك الموعد لا يوجد سوى مارادونا واحد، ولم يكذب ذاك القائل: “باعتزال مارادونا انتهت كرة القدم، فما نشاهده الآن شيء آخر”. | ralzaabi@hotmail.com